عبد الكريم ابراهيم
الاتحادات المناطقية تقوم على أسس مشتركة تجمع الدول المنضوية تحت لوائها لذا وضعت آلية لقيام التنظيمات الوحدوية وشروط لقبول الاعضاء الجدد كما في الاتحاد الاوربي الذي يعد الاوسع جغرافيا واقتصاديا ولعل اهم تلك المعايير الديمقراطية والحرية الفكرية فضلا عن العامل الاقتصادي الرابط الاكبر في هذا التجمع العالمي. رغم التطور الهائل والنمو السريع في الاقتصاد التركي فان هناك اعتراضات اوربية لقبولها بسبب سجلها في مجال حقوق الانسان والاقليات القومية وغيرها من مسلمات التي يجب ان تسود في المجتمع الاوربي الموحد.الدعوة السعودية الاخيرة لاقامة اتحاد خيلجي لم تحظ بالتأييد والحماس من الدول المعنية بهذا الشأن لاختلاف الاسس وتفاوت المعايير ما بين دولة واخرى وخصوصا السعودية الدولة الاكبر سكانا ومساحة وانتاجا من النفط والتي لديها طموحات لابتلاع دول المنطقة الصغيرة تحت هذا المسمى الجديد بعد انتفاء دور مجلس التعاون الخليجي. عادة لاي اتحاد لا بد من وجود مشتركات جامعة غير اللغة والدين والجوار والمذهب ولعل اهم تلك المقومات الحرية بكل انواعها حيث تعد المملكة العربية السعودية من اكثر البلدان صرامة في وضع القيود بكل انواعها مع احتفاظها بسجل في حقوق الانسان تسوده الكثير من الشوائب فضلا عن سيطرة المؤسسة الدينية وتأثيرها في حياة السعودية وهي مرحلة قد تجاوزتها بعض دول الخيلج كالكويت والامارات التي سبقت غيرها الى بناء دول معاصرة يمارس فيها الجميع حقوقه دون تمييز وايضا هناك مكتسبات على ارض الواقع تحققت خلال السنوات الاخيرة لبعض الدول يجعلها مصرة للمحافظة على ما تحقق في مجالات الاستثمار العالمي واستقطاب رؤوس الاموال والشركات الدولية حيث خطت دولة كالامارات وقطر خطوات مهمة في تحويل اقتصادها احادي الجانب الذي اساسه النفط الى اقتصاد ينافس مثيلاته في دول العالم المتقدمة. من الطرائف التي تؤيد هذا التفاوت بين دول الخيلج والسعودية على الخصوص ما بثته مواقع (الفيسبوك) حول مشادة كلامية بين سيدة سعودية قامت بطلاء اظافرها وأحد افراد هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. كيف يلائم واقع الاتحاد المرتقب مع هكذا معوقات في دول الغالبية العظمى من ايديه العاملة من الاجانب؟ الامر الثاني هناك مخاوف مشروعة للدول الصغيرة من هيمنة سعودية وابتلاعها تحت هذا المسمى الجديد ولاسيما ان في ظل وجود اعتراضات اماراتية وقطرية على استحواذ السعودية على اغلب مقرات مجلس التعاون الخيلجي ما جعلها تعترض على مشروع العملة الموحدة لانها لديها خصوصيات مكتسبة ترى من الواجب المحافظة عليها وعدم التفريط بها تحت اية ظروف مع وجود مشكلات حدودية بين الدولة الراعية للمشروع واغلب دول الخيلج يجعل الاتحاد امرا صعبا وبعيد المنال رغم المخاوف السعودية التي تطلقها بخصوص ايران. ربما تكون اكثر الدول تناغما للوحدة مع السعودية هي دولة البحرين التي تعاني من ضغط داخلي وخارجي من اجل تلبية المطالب الجماهيرية في اقامة ملكية دستورية. البحرين وجدت في الحلم السعودي فرصتها لقلب موازين القوى لصالحها وتحويل الاكثرية الى اقلية لسحب البساط من تحت اقدام الدعاة الى اعطاء شيعة البحرين حقوقهم المشروعة فضلا عن مخاوف مذهبية لها امتدادات في كلا الدولتين؟ اذا الحلم السعودي في قيادة خيلجية تمهيدا لقيادة العرب بعد غياب دول مؤثرة كمصر عن الساحة العربية، حلم اصبح بعيد المنال في ظل وضع عربي يجني ثمار ربيعه مع فتور خيلجي جعل دوله تتريث في الاقدام على هكذا خطوة مصيرية قد تدخل المنطقة في دوامة الصراعات حول من يقود من.
https://telegram.me/buratha