عون الربيعي
من الضروري أنّ يتفهم الشركاء السياسيون في العراق أنّهم أمام تحديات جمة ليس في هذه المرحلة التي تعيشها البلاد وتتصاعد فيها حدة الأزمة السياسيّة فحسب بل على طول الخط كون مثل هذه الملفات تحتاج إلى وحدة موقف وعمل مشترك يعكس وجه النظر العراقية إزاءها ويقلل من ردود أفعال الأطراف المعنية الخارجية والداخلية في استغلالها ولأسباب ينبغي أنّ ندركها جيداً بفعل حالة التوتر وتنامي المد الطائفي التي تعيشها المنطقة بأسرها، فهناك ملفات عربية وإقليمية لها انعكاساتها المباشرة على الأوضاع في البلاد كما هو الحال في الملف السوري وملف أكراد تركيا وملف الصراع مع الكيان الصهيوني الذي بدء بإطلاق تهديداته المباشرة وغير المباشرة لكلّ من لبنان وإيران وغير ذلك من ملفات لا يمكن حصرها أو ان علاقتها وتأثيراتها ليست بذلك الحجم الكبير على البلاد، من هنا لابدّ من تطويق الأزمة الراهنة وانتهاج سياسة حسن النية والمبادرة إلى تحريك الحلول عبر الحوارات والاتصالات، ولعلّ ما يدركه بعض السياسيين والقوى الوطنية في هذا الجانب له أبعاد أخرى فمن غير المعقول أن تعطل القوانين والتشريعات التي تتعلق بحياة المواطنين مما يعني تحجيم دور مجلس النواب وشل حركة الحكومة، بالمقابل وهذا ما لا يجب أن يرضخ له الطرفان في مرحلة بالغة التعقيد من عمر العملية السياسية، و لقد كان لسماحة السيّد عمّار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وجهة نظر منطلقة من هذا الفهم العميق للازمة وتأثيراتها وحرص مؤكد أن تغادر الأطراف المعنية بها خانة التقاطع إلى أفق رحب جديد يعضد مستقبل البلاد ويحد من تنامي الأزمات وتفقيسها المتتالي، داعياً رئيس الحكومة إلى المبادرة وإجراء الاتصالات مع الأطراف الأخرى في هذه الأزمة لأن ذلك سيسهم بدرجة كبيرة في التقليل من الحساسية القائمة، مؤكداً أنّ هذا من صلب مهامه ومسؤولياته كونه رئيس مجلس الوزراء وهو الرئيس التنفيذي للجهاز التنفيذي في الدّولة كما انه القائد العام للقوات المسلحة وهذا الموقع يحتم عليه أن يأخذ زمام المبادرة ويتواصل مع الأطراف ويساعد على حل هذه الأزمة وان مثل هذا التحرك سيحسب له ولا يحسب عليه, إن الصراحة البالغة التي أبداها سماحته في تعامله مع أطراف الصراع رغم عدم تكليفه بالتوسط بينهم والذي يؤكد حرصاً كبيراً على مستقبل الوطن ومصالح الشعب لم يأتِ من فراغ، أو انه دور لتجميل شخصيته التي نعرفها جميعاً بل لمحوريته وسعة تأثيره في الجميع بفضل العلاقات الطيبة التي بناها المجلس طوال تأريخه، وعلى من يجد نفسه حريصاً على مستقبل العملية السياسية أنّ يُبادر منطلقاً من هذا الحرص أوّلاً ولإثبات قدرته على التخلي عن الشخصنة وحسابات المصالح الضيقة عبر مكاشفة وإبداء الاستعدادات والتحرك في احتواء هذه الأزمة والعودة بالعملية السياسية إلى مسارها الصحيح, فلا يوجد خيار آخر أمامهم إلاّ أنّ يتقدم الجميع نحو بعضهم البعض, ويكسروا حالة العناد كون استمرارها لا يمكن أنّ يخدم أو يساعد على حل هذه الأزمة القائمة ولا يمكن أنّ يأتي بنتيجة واضحة تطور البلاد وتغير حال العباد.
https://telegram.me/buratha