خميس البدر
من البداية كانت الحلول متوقفة على مدى استماع الأطراف المختلفة إلى لغة العقل والوقوف عند الواقع والاعتراف، وإيجاد مساحة مشتركة معه والعمل على توسيعها وتطويرها ثم جعلها قاعدة انطلاق نحو إنجاح المشروع لا التركيز على الأزمة وتحويلها وتدويرها، لا بل بات تفقيسها وانشطارها هم الفرقاء السياسيين وأطراف النزاع ورواد الأزمة بأن قصروا جهودهم ونفوذهم على الرد على آراء وادعاءات الآخرين والتفتيش في العيوب والأخطاء للطرف المقابل، متناسين أخطاءهم غير معترفين بترابيتهم وأنهم بشر يريدون ان يسوقوا أنفسهم كملائكة أو مخلوقات كاملة، بينما خصومهم من يخالفهم المعارض لهم في الجهة المقابلة يكون في عداد الشياطين ويطالبون من الشعب ان يصدقهم ويقتنع بخطابهم ومن ثم التحرك معهم، وهذا ما لا يتفق مع طبيعة الأزمة وآليات العمل في الساحة العراقية والتي شهدت أخطاء من الجميع، اما بالمشاركة والإجمال والتباين بينهم أو بصورة منفردة، فتدوير الأزمات لا يمثل حلاً بل هروب من الأزمة والبقاء على نفس الخط والاتجاه، وطريقة التفكير في كيفية التعامل مع الأزمة راح يعمق من تأثيراتها وتبعاتها، فتفقيس أزمة من أزمة ثم تفريخها من لاشيء جعل الجميع أمام أزمة سياسية خانقة ظاهرها موضوع واحد ونقطة خلاف معينة بينما واقعها وكثرة الجدل والادعاء وطريقة معالجتها من قبل الفرقاء السياسيين ولد منها أزمات وتفرعات ومشاكل كل واحدة منها يحتاج إلى عمل جبار ووقت لحلها، فمثلاً الأزمة بدأت بتصريحات ونقد لطريقة رئيس الوزراء والتحدث على صلاحيات مقيدة وتداخل سلطات أمور منفردة يرتبط بعضها بالآخر بخيط وهمي ورابط واقعي، والنتيجة أن وصلت إلى سحب الثقة والانقسام الى خنادق ومعسكرات واتجاهات الكل منها يريد كسر الآخر ومن ثم تهميشه وإلغاءه وبعقلية انتقامية واستئثارية، وان كان لا يصرح بها إلا انها باتت طاغية وواضحة على السطح نفهمها ونحسها ونعرفها من نبرات المتكلم وخلفية حديثه عن الطرف الآخر والساحة العراقية فلا يمكن ان يبقى البلد معلقاً محكوماً بأزمة فيما أطرافها باقون على نفس النهج مستمرون بدون إحساس بمسؤولية او وجود نية لديهم للتحرك في اتجاه تلك الحلول، او ان يلتقوا في دائرة الحل الذي تحدث عنه سماحة السيد عما ر الحكيم وفي أكثر من مناسبة ومنذ البداية، والأمر من ذلك أنهم يمتدحون ويعلنون أن الحل الوحيد في هذا الخطاب الذي يقدمه الحكيم لكن لم نرَ استعدادهم للحل، فما طرحه سماحته وما عمل عليه ربّما اكبر من هممهم ولا يتلاءم مع طبيعتهم، وربّما تحولت كلماته إلى سوط يلهب ظهورهم وقد يعدها البعض منهم سلاسل تقيده لمعرفتهم بالحقيقة المرة والتي لن يستسيغوها وهي أنّ أيّ طرف منهم لا يستطيع أن يكسر الطرف الآخر، ولن يتمكن أي طرف في العراق من الانفراد والاستبداد في رأيه وهنا بيت القصيد فهم يريدون الغلبة والانتصار لكن على حساب من ؟؟، على حساب العراق والمواطن أما الحل الذي يقدمه السيد الحكيم يؤمن بالاحترام والالتزام بالدستور وان الانتصار يجب ان يكون للعراق وللمواطن البسيط باحترام الدستور والحل متوفر لديه وبكل بساطة هذا ما جعل المجلس الأعلى لا يحسب على طرف وكيف ابتعد سماحة السيد الحكيم وترفع عن سياسي الأزمة واقتصر عمله على التقريب وبيان هذه الحقيقة وبدون مجاملة، فلماذا الابتعاد واللف والدوران والحديث غير المباشر وفتح الجبهات وإغراق الكل في هذه الأزمة فالحل في أنّ يخطو الجميع باتجاه الجميع وبدون تردد وبشكل مباشر لا غير.
https://telegram.me/buratha