المقالات

مخاطر التنظير لفشل الاكثرية ؟ /

602 11:07:00 2012-06-30

حافظ آل بشارة

تسع سنوات تكفي لتجريب كفاءة اي موظف او عامل او فلاح او ربة بيت ، ما يسمى بالبديل الديمقراطي في العراق اخذ وقتا كافيا ليفهم الناس افاشل هو أم ناجح ؟ التجربة التي مرت كانت مرعبة وهناك حاجة الى الدقة في الفحص ، هل كان النظام الديمقراطي في السنوات التسع فاشلا ام ان الاشخاص والاحزاب الذين طبقوه هم الفاشلون ؟ لا شك ان العناصر التي يتكون منها النظام الديمقراطي في العراق كلها كانت ناقصة واولها المجتمع الذي حطمته سنوات القمع والرعب والحصار والعزلة والتجهيل المنهجي ، تجربة تحمل عدوها في رحمها ، من لايؤمنون بالبديل ، ثم غلبة النظام العشائري ، تتوغل انظمة العشيرة الى مؤسسة السلطة ، فهي ان افلتت من المحاصصة الحزبية وقعت في المحاصصة العشائرية ، سابقا لعبت الادلجة العمياء دورا تدميريا لبنية المجتمع ، الادلجة السطحية التحشيدية ليست ذات الهدف الفكري الاصلاحي سواء كانت ماركسية او لبرالية او قومية عائمة ، وهي غالبا تقليد لاديولوجيات وافدة ازدهرت منذ بداية القرن الماضي وبعد الحرب العالمية الثانية ، فساعدت على تفريخ حكومات قصيرة العمر بلا برنامج ، وحكام مستبدين ، ومؤسسات شكلية هزيلة تعيش على هامش التجربة الاجنبية وتقلدها وتفشل حتى في التقليد ، هذا المجتمع العائم الذي يسحقه الفقر والقمع اعيد عجنه بالارهاب والتركيع والتجهيل والعزلة في ظل نظام صدام ، وبعد التغيير اتضح ان اسوأ ما يمكن القيام به وسط الحطام هو تقديم خطابات وقوانين جوفاء لمجتمع جائع متعب خائف وفاقد الثقة ومحبط وينخر فيه الفساد ، جاء النظام الجديد ولم يتشكل فريق حكم متفاهم ، بدأ الصراع على السلطة والنفوذ والمال تحت عناوين تجميلية لم تخف الوجه القبيح للمعركة ، بقي الشعب منسيا ومأساة البلد متروكة عدا ان المتخاصمين اعادوا للمواطن حق الشكوى والتوجع ، التيارات السياسية النزيهة ذات البرنامج التنموي والرؤية الاصلاحية والشاعرة بالمسؤولية الاخلاقية لم تأخذ فرصتها ، الشعب يحتاج الى اعادة اكتشاف الأخيار ليساندهم ويسير وراء رايتهم ، كمن اضاع لؤلؤة فبدأ رحلة العثور عليها مجددا ، كم خسر في فقدانها وكم سيخسر في مسيرة البحث عنها ؟ الديمقراطية في العراق لم تفشل لانها لم تطبق ، فالانتخابات التي اجريت مرات عديدة كانت بداية حسنة لكن ارضية نجاحها كمنهج لبناء دولة عصرية ناجحة لخدمة الوطن والمواطن غير متوفرة . الشراكة فشلت لان كل شريك يفكر بتدمير شريكه ! وهو تقليد يرفضه حتى اصحاب البسطيات في شراكتهم ، فان اصابته مصيبة فرح بها ! اي شراكة هذه واي سوق سياسية منكوسة هذه ؟ من مجموع حالات الفشل يخرج المراقب والمؤرخ والمحلل بانطباعات سيئة جدا تنتشر الآن في الشارع وهي : 1- انطباع بأن الاغلبية الشيعية في العراق التي تحكم على وفق قواعد النظام الديمقراطي هي اغلبية تعودت ان تبقى محكومة وليست حاكمة ، وها هي تفشل في الحكم ، فهم ليسوا رجال دولة ولا ادارة . 2- انطباع بأنهم منقسمون على انفسهم مما يقلل من مصداقيتهم ، انقسام في المرجعيات السياسية والمذهبية والتنظيمات والرؤى والافكار وعندما يكونون هم اصحاب السلطة فينقسمون ينتجون سلطة مشتتة ملغومة بالضد النوعي . 3- انطباع بأن هناك من يستخدم الغطاء المذهبي سياسيا ! 4- انطباع آخر بأن النخبة ليست وحدها تفتقد مقومات النجاح بل ان جمهورها الذي انتخبها نفسه جمهور غير قادر على التعامل بوعي مع مرحلة ما بعد الانتخاب ، وهي مرحلة تتطلب الاعتراض على الفشل ، ثم صياغة وتنظيم الاحتجاج وآلياته ، ثم طريقة اعلان الاعتراض وترويجه ، ثم ترتيب آثار عليه ، ثم تشكيل قوة اجتماعية ضاغطة تجبر اطراف الصراع على تغيير سلوكهم والالتفات الى خطورة دور الشارع وانفجاره الجماهيري المتوقع ، اسوأ مافي هذه الانطباعات انها قدرية لا مهرب منها وانها تشيع رؤى خاطئة خطيرة حول نظرية حكم الاكثرية . ما هو المطلوب ؟ الاشخاص والاحزاب المعنيون يجب ان يشعروا بالخطر ويسارعوا الى ادارة الشراكة ، وادارة الأزمة باسلوب اكثر تحضرا ، لا ندعوهم الى التضحية بالمكاسب الشخصية بل الاكتفاء بالقدر المعقول ، واحترام مصالح العباد والبلاد ، في كل مشكلة تكون بداية الحل الاعتراف بوجود المشكلة ، اذا اقنعنا المعنيين بالاعتراف بالمشكلة في شكلها ومضمونها وآثارها فهو نصف الحل وهو النصف الأهم .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك