نور الحربي
في بلد حوى كل الغرائب وجمع كل المتناقضات وفتح الباب مشرعاً أمام كلّ شيء وبلا أدنى حدود من المعقول، في هذا البلد الذي نعرفه ونعيش تحت سمائه تطالعنا وسائل الإعلام والصحف والمواقع بآلاف الأخبار الغريبة وعشرات الفضائح ليس على مدار العام وبتوقيتات متباعدة بل على طول اليوم، ولا يكاد يمر يوم من عمرنا حتى تستوقفنا المواقف والقرارات الغريبة فبتنا لا نكذب خبرا ونتوقع حدوث أي شيء حتى لو قيل أن الأرض تحولت إلى مكعب، وانقلبت على كرويتها الأزلية هذا هو الحال بالفعل وبلا مجاملة في عراق عاش كل الفترات والمراحل ابتداءً بإقصاء الأغلبية بعد ثورتهم العارمة في عشرينيات القرن الماضي مروراً باستيراد ملك لا يفقه من شؤون العراقيين شيئاً حتى عششت أفكار العسكر وتوالت انقلاباتهم والأغرب وصول شقي من أشقياء قرية العوجة وسلسلة قراراته وحروبه العبثية و.... إلى ان وصلنا لزمن العجائب والغرائب بعد سقوط الصنم لترسو سفينة العراق على أزمة غير مسبوقة واجزم أن بلداً آخر لم يعش ربع تفاصيلها ومتغيراتها وحجم التدخلات الداخلية والخارجية فيها ويشكل ما يقال عنه استجواب رئيس الحكومة نقطة تقارب الأعداء ( الكرد والبعثيين والصدريين ) وتباعد الفرقاء باجمعهم نتيجة تضارب المصالح واستئثار البعض بالفيء ( الحصة الأكبر من الكعكة) والتمسك بالمنهجية غير المنتجة هنا يطالعنا بعض قادة العراقية بأنه من سيستجوب دولة رئيس الحكومة هو النائب اياد علاوي الذي لم يسجل له مجلس النواب حضوراً واحداً ليس اليوم بل منذ تأسيسه ودوراته السابقة، فلم يشاهد العراقيون سعادة النائب الدكتور ولو لمرة واحدة في مداخلة او تصويت أو حتى لقطة في بث الفضائيات التي تنقل الجلسات (كما وردت من الدائرة الإعلامية لمجلس النواب) وهذا الأغرب في زمن الغرائب وقد قيل في المأثور "إذا لم تستحِ فأصنع ما شئت"، فهل يستحي علاوي ومن يتكلم باسمه من مثل هذا الطروحات، أم انه نزل الميدان ليبارز نظيره وشخص من مستواه وخصما اخذ منه كل شيء حتى حلمه الذي بات يطارده منذ فقدانه كرسي الوزارة الذي اعتقد انه لازال مسيطرا على أفكاره، ومن جملة الأمور الغريبة هو موقف التيار الصدري وكتلة الأحرار النيابية التي طالعتنا بعدم مشاركتها في الاستجواب، وأنها ستصوت على سحب الثقة ان تمت المباشرة فيها في عزف منفرد على حبل التوازن وعدم فقدان شارعها الذي يقف حائراً من كم الانقلابات وتزاحم المواقف خلال هذه الفترة القصيرة من دخول نوابها حلبة الصراع مع المالكي، في حين كان الأخير صريحاً ومارس هوايته المعتادة في إبراز العضلات بقوله لا سحب ثقة ولا استجواب ولا بطيخ، وكأن شيئا لم يكن بعد ان وقف بباب من أحس انه المنقذ وذرف الدموع سخية من اجل ... قد يكون من اجل العراق، رغم إني استبعد ذلك لنعود من جديد في التفكير وحساب المواقف الغريبة فما هو الغريب وما هو الأغرب في زمن ننتظر فيه المزيد والمزيد قادم لا محالة.
https://telegram.me/buratha