( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
ليس من المصادفة بشيء ان تلتقي في هذا المفصل الزمني كل الاثارات والاشارات الاعلامية الداخلة في عمق وصلب العملية السياسية باتجاهاتها التغييرية والميدانية والامنية منها خصوصا. منذ مدة كانت تثار مسألة تشكيل المحاور او الكتل السياسية الجديدة، والغريب في تلك الاثارات ان توقيتها صار معروفا او مقرونا بكل ازمة تشهدها البلاد.
منذ احداث العاشر من محرم وما رافقها من وقائع دامية غامضة مرة وخطيرة اخرى والحديث التصاعدي بدأ مرصوداً بساحتنا العراقية عن النية لايجاد كتلة برلمانية جديدة ستشكل حسب التسريبات والتصريحات من داخل البرلمان وخارجه. ومنذ ذلك الحين بدأت تعود الى القطر شخصيات سياسية لم يعرف عنها التواجد على الساحة العراقية منذ تشكيل الحكومة الحالية وحتى الان، وبدورنا لا نستغرب تواجد شخصية عراقية على الاراضي العراقية بل اننا نذهب بعيدا في مطالبة كل شخصياتنا السياسية ان تكون موجودة في الساحة، لكن الموضوع يدخل دائرة الاستفهام عندما يقترن حضور هذه الشخصيات بمشاريع دخيلة او وافدة على تجربة قطعت من عمرها حتى الان اربعة اعوام، مع ادراكنا وقناعتنا الاكيدة ان هكذا اثارات ليست بمقدورها ان تعيش الا في دائرة الاثارة الاعلامية الفارغة.
ما مر يعد نوعاً من التشويش الذي عادة ما يترك المراقب والمواطن في دوامة من الاستفهامات، لكن هذه الدوامة لما تزل في الذروة حتى ندخل في دائرة تشويشية ثانية كمسألة صابرين وادعاءاتها، وكيفية التعاطي الاعلامي العربي والدولي معها. ان طبيعة التعاطي المذكور يؤشر على اشكالية تؤكد ان دوائر اعلامية واخرى سياسية مهمة وكأنها كانت على موعد بحدث كهذا، والا بماذا نفسر كل هذا الانتظار والانفجار الاعلامي ازاء عملية مشكوك في صحتها بالاساس واثبتت التقارير الطبية والجنائية زيفها وبطلانها وكذبها واتجاهات توظيفها ايضا.
والعالم يتابع صابرين وادعاءاتها والحكومة وموقفها تبرز مسألة جديدة تعد الاخطر من بين كل ما مرّ ذكره لكن هذه المرة تبدو المسألة مختلفة تماما عن سابقاتها ولو انها حتى اللحظة لا زالت لا تشكل قلقا للشارع العراقي كالقلق الذي سببته لصانع القرار العراقي .
فمسالة تدشين حرب تنتمي الى حظيرة اسلحة الدمار الشامل او ما يصطلح عليه بـ(حرب الكلور) فهي مسألة خطيرة وخطيرة جدا باعتبارها تشير الى ممكنات اخرى قد تأتي ما بعد حقبة الكلور.. وهذا الموضوع يكتسب خطورته واهميته باعتباره انطلق بالتزامن مع انطلاقة عملية (فرض القانون).
المسألة الاخرى التي لم تحسب نتائجها حتى اللحظة هي التعرض اللامبرر لسماحة السيد عمار الحكيم من قبل القوات الامريكية وبشكل لا يليق بشخصية كبيرة كشخصية السيد عمار الذي تعرف القوى الدولية العاملة في العراق مكانته في الوجدان العراقي، وهذه المعرفة بالتأكيد تترتب عليها استحقاقات خطيرة لما تستبطنه من تعقيدات سياسية واجتماعية وامنية كانت تنذر بالمجهول الخطير لولا حكمة وتعقل وصبر قيادة المجلس الاعلى الذي اظهر مقدرة فائقة في ادارته للازمات الحادة، لكن ستبقى مسألة عمار الحكيم تشكل علامة فارقة في كل اتجاهات العملية السياسية الجارية في البلاد.
نتمنى ان تنتهي سياسة التشويش عند هذا الحد، وهذه مسؤولية الحكومة العراقية ممثلة برئيسها اكثر من أي دائرة اخرى، فالتشويش الذي بدأ يغزو فضاءاتنا السياسية والامنية لا نريده ان يتحول الى مشاريع بديلة لتجربتنا وعهدنا الذي قدّمنا من اجله كل ما نملك من غالٍ ونفيس.
https://telegram.me/buratha