لم تمض الأشهر القليلة الماضية التي انقضت من عمر أزمتنا السياسية الراهنة سدى، كما يتوهم البعض، ولا هي كانت شهورا لا تعد في حياة العراقيين، بل بالعكس، إذا نظرنا الى النتيجة على علاتها، نجد أننا قد صنعنا شيئا لم نكن نألفه في حياتنا السياسية..فقد تكونت لدينا معارضة سياسية..!، وتخلصنا ـ تقريبا ـ من المحاصصة اللعينة، هذا أذا أستطاع الساسة المعارضين المحافظة على مواقع المعارضة ولم يعودوا الى مواقع الشراكة المزعومة!..
لقد قرأت الكثير من أدبيات السياسة، لفلاسفة وكتاب، لمنظرين وقادة رأي، لأمراء حروب وزعماء أحزاب، لرجال وأشباه رجال حتى! ولم أجد فيما قرأت شيئا يشبه الذي جرى عندنا في السنوات التسع الماضيات!. في كل بقاع العالم في غير بقعتنا التي أنشئ فيها أول نظام حكم عرفته البشرية، يكون نظام الحكم أما أبيض أو أسود!! ولا مساحة لباهت الألوان كلون نظام الحكم عندنا، والذي سنجبر على التخلص منه عاجلا أم آجلا.!..هناك ـ في غير بلدنا طبعا، أما حكام مستبدين، أباطرة وسلاطين وملوك وأمراء وجنرالات وشيوخ مثل شيخ فقاعة قطر، أو ملكيات دستورية لا تهش ولا تنش، أو ديمقراطيات يجري فيها تداول سلمي للسلطة...عندنا؛ ولأننا لسنا الذي صممنا نظام الحكم القائم، تعين أن ينال كل منا فرصة في أن يكون وزيرا أو أمير حتى ولو كان حقير..!
هنا: تخيلنا أن مشهدا سياسيا معقولا سيتشكل شيئا فشيئا، وستتكون"قوى"سياسية حقيقية، لكن معطيات الواقع واستدلالات النهج السياسي لمعظم "القوى" السياسية، لن تضعنا أمام بوابة مخرجات عمل سياسي حقيقي، ولا يمكن لعاقل أن يقول أن الوضع السياسي هنا بمجمله لا يستدعي القلق، فليس في ألأفق نهاية للتخبطات السياسية و الأزمات المفتعلة، كما أننا لا نرى في الأفق سبيلا للإصلاح السياسي والاقتصادي والأمني ..
ولكي نجد لما نحن فيه من سوء مخرج، ولكي نضع خطا للنهاية التي يرضى بها الجميع، فلا بأس أن يكون هناك اختلافات ورؤى مختلفة، على قاعدة أن نتفق على ما نراه مناسبا، ونلتمس العذر لبعضنا فيما اختلفنا عليه، فإن الضرورة تستدعي أن يقيم ما يطلق عيهم "ساسة" وزنا لهذا الوطن وقاطنيه في حساباتهم، وليس أن يضعوا أولوياتهم الخاصة في المقدمة، وذلك كي نصل الى مرافيء التفاهمات السياسية الوطنية، والتنمية الاقتصادية التي توفر حلا جذريا لتلك الخلافات، ووضعها في حيز أو قالب لا يخرج عن مفهوم الولاء الوطني أولا.
كلام قبل السلام: المصلحة الوطنية تحولت الى مصالح! لسبب بسيط أنها تقع في زاوية بعيدة جدا من أدمغة المبرمجة على الذات فقط...!
سلام..
14/5/629
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha