المقالات

معرض الكتب ... معرض السيارات /

608 12:54:00 2012-06-28

حافظ آل بشارة

معارض الكتب التي تنظمها المحافظات هل هي رياء ثقافي أم مبادرة حقيقية ؟ من الذي ينظم تلك المعارض ؟ من يديرها ؟ من يزورها ؟ من الذي يشارك فيها من ناشرين ومؤلفين ؟ ومن الذي يشتري منها الكتب وأي كتب ؟ كل هذه الاسئلة تقفز الى الذهن وانت تتابع اخبار افتتاح معارض كتب في النجف ، في كربلاء ، بغداد ، اربيل ، البصرة ... في المحافظات هناك سلطات محلية ، لديها مجالس برلمانية مصغرة متلاطمة بالشخصيات ذات التوجهات المختلفة منهم من يؤمن بالفدرالية ومنهم من يؤمن بالمركزية او اللامركزية او حتى من يدعو الى الانفصال عندما تصعد عنده الحماوة ، هؤلاء الاخوة الاعزاء المنتخبون كيف ينظرون الى الشأن الثقافي في محافظاتهم ؟ وهل يدركون علاقة الثقافة الاجتماعية بمعارض الكتب ؟ تعددت اذواقهم وتناقضت توجهاتهم الثقافية ، منهم ما زال يردد في خلواته (اهز مهدك يعبد الله ) بينما الآخر في اقصى اليسار يردد (مرينه بيكم حمد واحنه بقطار الليل ) وثالث مازال مغرما بترديد (اللي مضيع ذهب بسوك الذهب يلكاه) ، هؤلاء هل يخرجون بخطة ثقافية واحدة لخدمة الصغار والكبار والمرأة والرجل وجيل كامل اعتق من حقبة العبودية الى الهواء الطلق ، اخراج سجناء الزنزانات المظلمة الى ضوء الشمس بدون مقدمات يصيبهم بدهشتين ، دهشة رؤية الشمس ودهشة الحرية ، بقي الشعب في السنوات التسع الماضية يتخبط ثقافيا تحت تأثير الدهشتين بلا معين ، مجالس المحافظات فيها لجان ثقافية يقال هي التي تقرر معارض الكتب ، ما هو دور وزارة الثقافة في الموضوع ، هل تستطيع تلك الوزارة ان تتكلم مع المحافظات ام تلوذ بالصمت ؟ هناك تجربة محبطة ، صديق صحفي مثل (صكر فويلح) التقى بجاره القديم شبه الأمي والذي اصبح عضوا في مجلس المحافظة المحرومة ، قال الصحفي الملعون : اردت ان ازور معرض الكتب الذي افتتح عندكم يوم الاثنين الماضي ، اجاب عضو مجلس المحافظة : يا معرض ؟ يا كتب ؟ قال الصحفي : قرأت اسماء دور نشر محترمة مشاركة فيه ، فقال العضو : (ها ها ها تقصد معرض السيارات الجديد ، يا أخي هاي هونداي عجيبة ؟ سته سلندر ، بوب ريمونت ، ابتر تك باب ، تاير عريض ، بعده بحليبه ، بالميه وستين يفرش ، يسوه هواي ، يمعود دفترين هم فلوس ؟ ... ) اصغى اليه الصحفي وكأنه يتحدث عن فهرست كتاب جديد ، هز رأسه وقد اصابته نوبة عنيفة هي خليط من الجنون السري والحزن والرعب ، ولأن قدرته على تحمل الصدمات تضائل بسبب الأزمة السياسية الأخيرة ، استأذن بالانصراف من ذلك المكتب الفخم ، وخرج الى الشارع هاربا من شيء لا يعرفه ، لاجئا الى مكان لا يعرفه ، في الشارع بدأ يتحدث مع نفسه بصوت مسموع ، طفل على الرصيف سأل أمه عن ذلك الذي يتحدث مع نفسه ويضحك ويؤشر بيديه ، قالت : (عوفه مخبل) ، افترض انه يلقي خطابا قبل افتتاح المعرض ، ايها الاخوة والاخوات ، اخواني المؤلفين والناشرين الاخوة منظمي معرض الكتب في محافظتنا الحبيبة ، تعرفون ان للتنمية الثقافية مستلزماتها ، واهمها اقناع المواطن بأن يقرأ الكتاب ، تنمية حب المطالعة ، تكوين المكتبة المنزلية ، التعاون واجب بين وزارة الثقافة ومجلس المحافظة والحوزة العلمية ومكاتب المراجع وشبكة الاعلام العراقية لتنظيم معارض الكتب ، يجب انتقاء العناوين المشاركة قدر الامكان وفقا لاحتياجات البلد الثقافية ، وبما يحيي ثقافة التنمية ، الاصالة ، حفظ الهوية ، الوحدة وحب العمل والابداع ، معرفة الحقوق ، معرفة حقيقة النظام السياسي الجديد وحقوق الانسان ، الارتباط بالدين ، اصلاح العلاقات الاجتماعية ، هذه اهداف ثقافية ، يجب ان تسهم معارض الكتب في ترسيخها ... لكنه فجأة سمع دويا وقدحت عينه ثم اظلمت الدنيا واختفى الضجيج وهو يغط في بحر من البرد والهدوء وشعر نفسه يطير ، ايقظته وخزة في الصدر ، صرخ وجد نفسه ملتصقا بتبليط الشارع وحوله بركة دم ساخن ، ورجل محترم يمسح الدم عن وجهه ، تطل عليه مقدمة سيارة هونداي ، شعر انها تنظر اليه بحقد ، شاهد خصلة من شعره الابيض عالقة في مقدمة السيارة ، قبل ان يحملوه الى المستشفى قال لشرطي المرور : لم ينته خطابي بعد ، اردت في الفقرة الاخيرة تنبيه اعضاء مجالس المحافظات الى الفرق الهائل بين معارض السيارات ومعارض الكتب ، وعلاقة الاثنين بالتنمية الثقافية ، التفت الشرطي الى صاحبه وقال : (انقلوه فورا الى المستشفى لا تناقشوه ، رجة بالدماغ ، شوف الهونداي ستسوي ؟) .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك