بقلم: عبد الرزاق السلطاني
... أن الحديث والكتابة عن الوضع العراقي يمتازان بالتعقيد والقصور الموضوعي الذي تتسم به التصنيفات الفكرية ناهيك عن ندرتها مما يضفي على الكاتب خاصية الحذر الشديد في التقرب اليها ، فضلا على أن الكتابة في الحقول الاعلامية والسياسية التي تتصف طبيعتها بخصائص التعقيد اصلا ، فالإقدام على دراسة لمعالجة مواضيع المنظومات الاعلامية والمواطنة والهوية والاتصال، يتطلب توخي الدقة في تحديد الهدف الذي يمثل غاية من دون ان تصاب قدرة الخوض بخاصية الانسياق الطوعي للحدث واصابتها بالانشائية المملة مما يفقدها قدرة الاتيان بدقة الاشارة وصوابها في تحديد علل الظواهر وتقييم نوع المعطيات وقد يسهل الانزلاق بعيدا عن الفائدة ، التي تنطلق من التساؤل حول درجة التلائم بين الجهاز المعرفي وبين الواقع.ففي الكثير من الاحيان تؤكد المنظومة الاعلامية انها واقعة تحت تاثير المنظومة المادية الموجهة من دوائر التمويل بالشكل الذي يعكس ارادتها وتطلعاتها الفئوية والضيقة في هذا المجال او ذاك وتغليب خصائص معينة دون الخصائص الوطنية العامة او التعرض الى هوية مخالفة بشكل يصاحبه نسف بنية الاخر، مما لايمت للاعلام الديمقراطي باية صلة تذكر فبدلا ان يكون الاعلام مساهما فعالا في التثقيف باهمية وحدة النسيج المجتمعي صار صاحب معول للتهديم في مواطن اخرى، وان المكانة التي يشغلها بين السلطة والمجتمع تمتلك حساسية عالية واهمية قصوى وان أي خطأ في الاستعمال يعني اشعال حرائق صغيرة او كبيرة في فضاءات المجتمع.وهنا اود الحديث عن تقييم للمؤسسات الفاعلة في عهد مابعد صدام ففي تقييم موضوعي لأداء هيئة الاعلام والاتصالات فحقيقة القول انها قطعت شوطا كبيرا في تنظيم قطاعي الاعلام والاتصالات كونهما من اهم المفاصل الحيوية لبناء البنية الحقيقية لهذه القطاعات الهامة والمؤثرة فمن غير المعقول ان تقوم الدنيا ولاتقعد وتثار الحساسيات هنا وهناك لمجرد طرح موضوعات فنية يراد منها الحفاظ على الطيف الوطني من الاختراق والتداخل، وهذه الثروة الوطنية يجب ان تصان بشكل يحفظ هيبة السيادة الوطنية مما يتوجب على كل القوى الوطنية وخصوصا المضحية التي رفضت الظلم في احلك الظروف، اذ ان البث العشوائي يؤثر بكل الاحوال على كل ما يبث في الفضاء الوطني العراقي وتنظيم الحزم يحتاج الى جهة ناظمة اسوة بالمؤسسات الدولية المتقدمة للحفاظ على المحطات التي تبث من التداخل والتشويش، فضلا عن تاثير البث العشوائي على المطارات والمنظومات تدخل في امن وسيادة الدولة.فإننا بحاجة إلى حلول شمولية تستطيع إن ترشد وعينا وأن نتجاوز ولو شيئاً من هذه الأزمات المصطنعة لحرف الانظار عن القضايا المصيرية او للتغطية عن صفقة كبيرة لتمريرها ومحاولة حرف الانظار، لذلك اعتقد جازما اننا بحاجة إلى إعلام حضاري ممنهج يرتكز على استراتيجيات واضحة ذات أهداف نبيلة ورسالة سامية بايقاف مصدري الارهاب الفكري الذين يحاولون توجيه سهامهم المسمومة التي نخرت الجسد العراقي للسنوات الماضية فهؤلاء أي "الممولون" يريدون ان نموت جميعا لتسجيل مواقفهم الخبيثة، مما يتوجب وقفة اخلاقية ووطنية وانسانية بأقلام واعية وأفكار خلاقة تعالج هذه القضايا وغيرها بموضوعية ومهنية وعلى كل الصعد لذلك من غير المنطقي ان تكون الرسالية السامية للاعلام الوطني عرضة للمزايدات السياسية ونحن على يقين ان هذه الفخاخ لاتنطلي على ابناء شعبنا وبالخصوص النخب الاعلامية الوطنية التي وقفت في احلك الظروف لبناء عراقنا الغالي.
https://telegram.me/buratha