المقالات

خمس واربعون دقيقة

994 22:43:00 2012-06-26

بسم الله الرحمن الرحيم

في قاعة صغيرة  تجمعني و باقة من الفتيات لخمس واربعين دقيقة  بعنوان معلمة اجد نفسي معبراً لمعلومات صامتة تنتقل في تسلسل من الكتاب الى اللوحة عابرة الى اذهان الطالبات ممتزجة بصوتي الذي لابد له من اللحان مختلفة تشد اليها المتلقي ووجه يتألق فيه حب العلم والدرس المعطى في اطار طريقة عرض اختارها لتلك المعلومات عسى ان ندرك هدفنا المنشود .

يبدأ درسي بالسلام لاستغل وقت الرد في مسح السبورة على عجل وفي هذه الثواني اطلب من الله الاعانة والالهام وعند اللمسات الاخيرة من المسح انقل الممحاة من اليد اليمنى الى اليسرى لتكمل العمل لتنشغل سبابتي اليمنى لكتابة لفظة في الهواء استعين بها عند الشدائد وهي ( يـــــا زهراء)  وحينما اكتبها يمر التاريخ في اقل من ثانية امام عيني  من غدر السقيفة الى الالام ايامنا هذه فاغمض عيناي واستنشق الهواء بعمق والتفت سريعاً قائلة تفضلوا في اشارة الى لزوم جلوسهن .

وما ان اكتب اسم الدرس حتى اشرع بالشرح وأبحر لمدة عشرة دقائق منتقلة من بحر الى بحر فمن بحر المعلومات الواجب ايصالها اليهن الى بحر عيناها  التي تهاجم مركبي احياناً  بنظراتها اليائسة والمحبطة فاركب الصعب لعبور موجتها جاعلة تلك الموجة ترتطم بصخرة لترتد قطرات سريعة الى وجهها ميقظة اياها من ذلك الاحباط  ولتتكأ بوجهها على يدها اليمنى تراقب ذهابي وايابي لتهز رأسها اخيرا بما يدفعني الى الاطمئنان لانشغل باخرى حتى تمسح عيني جميع من في القاعة وبأنتهاء العشرة الاولى ندخل الى 25 دقيقة في محاورة ونقاش وحل تمارين حول تلك المعلومات فتشتد المنافسة ومسؤوليتي تاجيج نارها من اجل ان اظفر بمكنون تلك العقول الشابة .

وبانتهائها يبقى عشرة دقائق او اقل وهي البعد الثالث الذي ارنو منه التقرب الى عمق شخصية أم المستقبل لمجتمع مزقه الارهاب اربا ً ما هي رؤيتها للمستقبل  ؟ وكيف ترى واقعها ؟ وهل تنشد دورا  تصحح فيه المسير ؟ بل هل لديها ما ترتكز عليه لو كان لها رغبة في ذلك ؟ ومن مدخل علمي اترك لهم الفرصة للتعبير لتنطلق من افواههن اغلب الاحيان  سهام تصيب قلبي واستقبلها بكل برود واوحي لهن ان هذا التفكير طبيعي بالنسبة لاعمارهن بالرغم من ان ناقوس الخطر يدق بداخلي من ان انحراف تفكيرهن واضح من جادة الاسلام نحو الاقتناع بالعلمانية وبدون الاحساس بذلك وتسميته باسمه بل وتصدى منهن للدفاع عن العلمانية وابراز العيوب للاسلام !

وماهي الا لحظات حتى يحتد النقاش بينهن بين رافضة ومؤيدة لما تم طرحه ويحسم الجرس الموقف فاكتب تساؤل من فحوى الحوار على السبورة واطلب منهن التفكير فيه والسؤال يكن فيصلاً لادرك الى اي مدى وصل الانحراف لوضع خطط واقية لاسترجاع مصدر القوة لاي مجتمع وهم الشباب وبطريقة غير مباشرة ولا تشعرهن بانهن في اختبار .

كنت اشعر ان لهذه الدقائق قيمة فحتى ان لم تجلب نتيجة في تغيير التفكير الخاطىء فانها على اقل تقدير ستشغل مراهقة في منزلها بالتفكير بأمر مفيد ونافع وكثيرا ما اشعر بالفرح بمجرد ان اجد على الماسنجر اوف لاين منهن حول ما تحاورنا فيه تلك الدقائق .

انطوت صفحة العام الدراسي ومعها احسست بغصة الايام التي نعيش فلا اعلم ما هو سر تلك الغرفة التي تنسلخ عند بابها الهموم؟ وما سر دم الشباب الذي يجلي الصدأ الذي احاط بحماس قلبك ؟ ولما نحن نهمل هذه الشريحة التي نحتاجها بقدر احتياجها لنا تحتاجنا للاشارة الى جادة الصواب ان وفقنا لتقديرها  ونحتاجها  لنهرول فيها بعد ان اصبحنا نتشخط باقدامنا!

افرغت ما في قلبي من كلام ليس لملىء صفحات براثا بل لملىء قلوبنا بهذا الاحساس وليس شرطا ً ان تكون معلما ً في مدرسة فيكفي ان تكون معلما ً في منزلك او في شارعك اجعل احد المراهقين في مسؤوليتك وتابع تطور شخصيته عن مسافة لا تخنق حريته فيها ستشعر بارتياح كبير شعرت به وتمنيت ان تشاركني فيه .

رايات الفساد التي واجهتنا في المراهقة لم تكن بمستوى ما يواجهه مراهقوا اليوم فلم يتجاوز الفاسد الذي عشناه قناة الشباب التي جعلت للاغاني سباقاً يعرض لساعة فان اغلقت التلفاز في هذا الوقت مع فلم السهرة فلقد اغلقت اكبر المخاطر بوجه ابنتك اما الان فما انت فاعل امام الموبايل والستلايت والمسلسلات التركية والجات  ؟!! فكم من مرة يُقطع درسي بسؤال عن الحب والعشق اما رغبة في المعرفة او لاجل اغضابي على اساس ان هذه الكلمة كفر!!!

وكثيرا ما يكون جاوبهن عن سؤالي عن سلبيات الاسلام مازال يعتقدن ان له سلبيات فيكون اول جواب لهن انه ضد الحب فاستشهد بقول الامام عليه السلام وهل الدين الا الحب !!

فيتضح لي ان مفهوم الحب خاطىء عندهن اما بسبب الاهل او بسبب ما استنتجوه من الواقع .

في خطر شبابنا في خطر انه نداء للمساعدة ليس بيدك وبيدي تغيير واقع الكهرباء والماء والشارع والاتربة ولكن في ايدينا وفي احضاننا شبابنا فهل سنضيعهم ؟!!!

خمس واربعون دقيقة ازرق بين المادة العلمية اشارات وانتظر صدى من القلوب النقية واستخدم البوصلات للاستدلال الى الاقطاب الشمالية لفكر السليم واستخدم المغناطيس لسحب برادة الحديد التي تمنع الافئدة من الوعي وكل هذا ليس لانني متعلمة ولا مثقفة ولا واعية فلا امتلك مما ذكرت الا الشيء المخجل ولكن وفقت لهذا لاني في كل صباح وانا متوجهة الى عملي تبحث عيناي عن الامام المهدي شوقا ً وحبا ً وعندما ادرك ان الوقت لم يحن لطلبتي تلك اخبره انني اليوم بالخدمة ان شرفني بقبول طلبي في خدمته من خلال اشارته واساله الدعاء لشيعته ونحن منهم بالتوفيق أكلمه بعمق واتحسس صدى ذلك داخل تلك الغرفة فكيف تشرح ذلك لمراهق يسأل عن الحب  فهل  المهدي الا الحب .

عشنا ايام الطفولة في اجواء الحروب التي كانت واجهة لحرب الدين داخليا ً فلم نتحصن بشكل جيد ولعبت الرياح بافكارنا بين الوهابية والعلمانية وجذبتنا ابواق الفساد باغانيها في اطار الحرية لبعض الوقت وبين مد وجزر استقرت سفننا مهترئة تخجل ان تشارك سفينة النجاة التي ستظهر ذات يوم  وليس لنا عذر الا التعتيم القاسي الذي كان يكتم على انفسنا اما شباب اليوم فلا تعتيم امامهم وانما غشاوة الغش الاعلامي التي يجب ان نواجهها بكل قوة فلما يعيش شباب اليوم ما عشناه وعانيناه ولماذا نجرح قلب امامنا مرات ومرات لسنا بمستوى يليق ان نكن جندا له عليه السلام فعسى ولعل نكون سببا في اعداد جند يليقون بمقامه السامي من ابناء وطلبة واخوة واهل واقارب .

 نسال الله الهداية للجميع والتوفيق والسداد واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الغر المحجلين وسلم تسليما كثيرا .

المهندسة بغداد  

 

 

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك