تكمن مشكلة الشعب العراقي فيما نعتقد انه تخلص من نظام صدام الدموي دون ثورة أو انقلاب وإنما عن طريق جيوش التحالف بقيادة أمريكا. وبالتالي فان هنالك فجوة تقتل فرحة العراقيين لاسيما حين يرون بأم أعينهم ثورات شعبية تطيح بالحكام المستبدين في تونس ومصر واليمن ومستقبلا في البحرين وبشكل مشوه في سوريا والحبل على الجرار.
إن مشكلة العراقيين هي أن فرحتهم بسقوط صدام ترتبط بذكرى الاحتلال الأمريكي، وهو الاحتلال الذي مارس فيه الأمريكان في العراق ممارسات جعلت العراقي محتار بين أن يشكرهم أو أن يبصق على وجوههم. بالتالي فأن العراقيين تنقصهم الثورة الحقيقية التي تزيح الظلم والطغيان. وإذا كان مفهوم الحكومات المستبدة أن يرأسها دوما طاغية واحد مستبد يشفط خيرات الشعب ويسومه العذاب، فان في العراق شراكة مستبدة من أحزاب وكتل وشخصيات سياسية، اتفقت على أن تشترك في شفط خيرات شعبها وفي أن تسومه العذاب. وبالتالي فان الطغاة عندنا هم رؤوس لجسد واحد، هو جسد الاستبداد.. فالعراقي قد رأى بأم عينه بلع ثرواته على يد كارتلات حزبية متنوعة الأزياء من الشروال الى العباءة إلى ربطة العنق!.. بل ولَمَسَ لمْسَ اليد الأنياب التي تنهش من دمه باسم الشروال والعباءة وربطة العنق.
إن كل الفرق بيننا وبين شعوب العالم هو أن شعوب العالم يسهل عليها أن تحدد هدفها بإسقاط طاغية بالاسم ، بينما لا يستطيع العراقي سوى أن يثور ضد الجميع، ويطرد كل الوجوه الكالحة التي أشبعته كذبا وزيفا، وأذلته بسوء الغذاء والماء والكهرباء والخدمات، واستنزفت أبناءه وآماله في صراعاتها التافهة، تلك التي لا تزيد عن كونها صراعات "الحرامية" حين يختلفون على قسمة ما سرقوه.!
نحن بحاجة إلى ثورة ضد الظلمة القتلة السراق المتاجرين بدمنا، بائعي العراق ومفتتيه وشافطي خيراته، ثورة ضد الكتل والأحزاب المزيفة والمؤسسات المزيفة والجيوش المزيفة والوزارات والكيانات المزيفة... فكل ما حولنا لا تعدوا أن تكون واجهات لشركات ومافيات ودكاكين لمخابرات دول الجوار. ان ما جاءتنا اثر سقوط صدام لا تعدوا أن تكون موجة من الجراد المدمّر الذي يهلك الخيرات ولا يبقي ولا يذر... وان ما يحصل هو استمرار لمعركة (الحواسم)، ولعل من يتذكر منظر السراق الذين استولوا على البنوك وأراضي الدولة ومخازنها وحملوها بمنظر مخز على رؤوس الأشهاد، يستطيع ان يعيد رسم المشهد بإدخال الماكياج والمونتاج وبإخراج جديد، ليرى انه ذات المشهد، ولكنه هذه المرة يتم بتكنيك وبرستيج عال، وشراكة واستيزار ومناصب وحصص يتم فيها اقتسام كل شيء من نفطنا إلى دمائنا.. بل إن الأحداث قد أثبتت أن الحركات الإرهابية ذاتها، أصبحت قفازات بيد هذا السياسي وذاك، يرهب به الآخرين ويستقوي به، وإذا لم يعطه حصته كاملة من الشراكة، فلا بأس بتفجير أو تفجيرين في سوق شعبي، لينبه شريكه انه موجود ولابد أن يأخذ حصته غير منقوصة!
دعوة خالصة للعراقيين جميعا أن يساهموا بأصواتهم وبآلياتهم الديمقراطية المكفولة دستوريا، في تغيير هذا الواقع المدمر الذي ينهش في جسد شعبنا ووطنا وخيرات أجيالنا، فالسكوت أصبح علامة الرضا لدى الظلمة، والانكى منه أن يستغل هؤلاء الظلمة بسطاء شعبنا في مظاهرات تهتف لفلان ضد علان، وهي لا تدري أن كليهما سُرّاق مع سبق الإصرار والترصد، وكل ما في الأمر أن البعض منهم، يرى ان اقتسام الغنيمة كان خلاف العدل، وأنها قسمة ضيزى!!!!
38/5/626
https://telegram.me/buratha