علي حسين غلام
المراقب لحالة الصراع المحتدمة بين الكتل السياسية يرى إنها تدور بين جبهتين، أصحاب مشروع سحب الثقة من جهة وأصحاب الحوار والإجتماع الوطني من جهة أخرى، ويلاحظ إن عقدة الصراع وحقيقته وجوهره يكمن في شخصية رئيس الوزراء الذي يكن له بالعداء الشخصي رؤوساء تلك الكتل.إن ما يشاع من قبل مجموعة (160) المعارضين لرئيس الحكومة في عدم إلتزامه بالإتفاقات التي أبرمت قبل تشكيل الحكومة أو عدم المشاركة في إتخاذ القرارات وفق مبدأ الشراكة الوطنية هي الشماعة المعلنة التي تغطي النوايا الشخصية لرؤساء الكتل، والكل يعلم إن أغلب وزراء الحكومة من خندق المعارضين ويستطيعون من خلالهم التأثير في قرارات مجلس الوزراء وفرض الإصلاح كما يدعون وإتباع الخطوات العملية لتنفيذ ما يبتغون وفق أجندتهم وبرامجهم، فضلاً عن تقديم إستقالاتهم لإسقاط الحكومة (وهو الأهم بين الأسباب الأخرى) إلا أن هذا الشرط لا يتحقق كون هؤلاء الوزراء مقتنعين بشكل لا لبس فيه على إن أداء الحكومة جيد وفق قناعاتهم ونظرتهم وهناك توافق على برامج وعمل مجلس الوزراء، وتأكيداً على ذلك هناك تصريحات لبعض الوزراء عن وجود ضغوطات من كتلهم للتلكؤ في الإداء وإضعاف عمل الوزارات ووضع العصى في عجلة الحكومة.إن سمة العداء الشخصي لرئيس الوزراء من قبل رؤوساء الكتل وصل ذروته بحيث طغى بشكل جلي وبصورة واضحة وصارخة على هذا المشروع وقد تجسدت من خلال التصريحات المتشنجة وتوجيه سيل من الإتهامات الشخصية فقط والإبتعاد عن توضيح الخروقات الدستورية والمبرارات الموجبة التي تستوجب سحبة الثقة، والمثير للإستغراب إن كتلة ما يسمى بالمعارضة غير متجانسة فكرياً ولا توجد بينها قواسم سياسية مشتركة أو برامج إصلاحية أو رؤية واضحة لما بعد سحب الثقة، بل هناك إختلافات في بعض القضايا وخلافات شديدة على كثير من الملفات الشائكة وفي مقدمتها المادة (140)، وهذا دليل آخر على إن سحب الثقة مشروع العداء للسيد المالكي شخصياً وهو الذي كان السبب الرئيسي في تفتيت وتشتيت قائمة علاوي وخسارة قاعدتها الجماهيرية بشكل واضح إضافة الى إنهاء وإقصاء الوجود السياسي للسيد أياد علاوي كشخصية قيادية مرشحة لرئاسة قائمة إنتخابية في المرحلة القادمة أو كمرشح لرئاسة الحكومة.إن أهم معادلة يتمخض عنها هذا المشروع هو كون التحالف الكردستاني سيصبح بيضة القبان في تشكيل أية حكومة وكذلك في سحب الثقة منها، وهذا يتعارض مع توجه بعض القوى العربية والتركمانية لِمَا لهذه المعادلة من مردود سلبي عليها وإختلال في التوازن السياسي لمعالجة كثير من الملفات المعقدة والصراع الديموغرافي في المناطق المتنازع عليها، فضلاً عن تزايد قوة التحالف الكردستاني للتأثير في كل القرارات المصيرية التي تهم الإقليم وعلى حساب الحكومة المركزية والمحافظات المتاخمة للإقليم، إضافة الى إستغلال كل فرصة سياسية وإقتصادية لإستثمارها وفق معطيات المصلحة القومية، ناهيك عن إستخدام لغة التهديد بالإنفصال في حال عدم إشراكهم في أية حكومة مركزية أو في تلبية وتحقيق كل الطلبات المقدمة من قبلها حتى ولو على حساب الدستور.إما بالنسبة الى التيار الصدري فقد وضع نفسه بين سندان الكردستاني ومطرقة العراقية، لقد كان الربع القوي ضمن التحالف الوطني المعقول بالنظام الداخلي والهيئة السياسية العليا، وأصبح الربع الضعيف ضمن كتلة اللامعقول والتي يختلف عنها فكراً ومنهجاً والتي ما زالت دون برامج وأهداف سوى مشاريع شخصية.علينا جميعاً أن نتفق على الحاجة الماسة الى الإصلاح والتغيير ونبذ الطائفية والقومية المتطرفة وبناء مجتمع مدني ديمقراطي حديث ومتجانس يسوده العدل والمساواة في الحقوق والواجبات ، وعلينا أن نؤمن في حقيقة إن العراق لن يعود الى الوراء ولكن لسوء الحظ سيعاني من أزمات وصراعات سياسية ومطبات ومصاعب شديدة جراء الفساد والتخبط الفئوي والتمسك بالمصالح الشخصية وضياع الوقت في المناكفات والمحاككات التي توقف عملية التقدم والتطور وتزيد في خراب الدولة ومؤسساتها المدنية، وعلينا أن نقر ونعترف أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع وليس على عاتق شخص السيد المالكي.
https://telegram.me/buratha