المقالات

التحرك الاعلامي للحسين ع

1295 23:09:00 2012-06-23

اكرام حسن

خاض الحسين ع حربا اعلامية قوية بلا انقطاع , ضد الارهاب والدعاية الاعلامية الدنيئة الكاذبة لبني امية واذنابهم , من اول يوم خرج من المدينة الى مابعد استشهاده . كان عليه السلام محبوبا عند المسلمين وكانت نفوسهم مهيئة لاستقباله كخليفة للمسلمين فهو الذي باهل به النبي , نصارى نجران , وهو خامس اهل الكساء وهو الذي اراد الله تعالى له المودة في نفوس المؤمنين وهو سيد شباب اهل الجنة , لهذا حاول يزيد جاهدا ان يحرف الناس عن الحسين بان يُرعبهم- بالموت لمن لايبايعه- او يرغِّبهم بالدنيا ويعدهم اموالا واراض وذهبا وفضة ونجح في ذلك مع اغلب الناس . من هنا نجد ان الحسين كان يركز دائما على ارشاد الناس الى الحق وتذكيرهم بنفسه , وماذا قال الله فيه ورسوله ,كذلك حرص على تعريف الناس بالحاكم الطليق شارب الخمر معلن الكفر على الملأ سارق بيت مال المسلمين.كانت اولى خطوات الحسين ع الاعلامية في مجلس الوليد بن عتبة والي معاوية على المدينة حيث طلب الاخير من الحسين ع البيعة ليزيد فقال الامام - ان مثلي لايبايع سرا وإنما أحب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة - واراد بذلك ان يعرّف الناس بحقيقة يزيد الفاسق,قاتل النفس المحرمة- وقال (ولكن نصبح وتصبحون وننظر اينا احق بالخلافة )*.

ثم خطبته في منى فيما يقرب من الف رجل , ولم يدع شيئا انزلة الله , او قاله رسول الله , بحقه وحق علي ع الا وذكّر الناس به وأشهدهم عليه ثم قال (اسمعوا مقالتي واكتموا قولي ، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، من أمنتم ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون )** وهو بهذا جعلهم رسله الى باقي الامصاركالبصرة والكوفة. بقي الحسين ع اربعة اشهر في مكة يدعو لله ويحث اهل مكة والحجيج الوافدين عليها على اتباع سنة رسول الله ثم ينبههم الى الخطر المحدق بالاسلام بسبب انحراف يزيد عن سيرة رسول الله ص ودعاهم الى القيام المسلح ضد الخليفة .كان يعلم انه مقتول لامحالة لانه لن يعطي البيعة ليزيد لذلك خطب خطبته المعروفة في مكة (خط الموت على ابن ادم مخط القلادة على جيد الفتاة ... رضا الله رضانا اهل البيت ...من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى) كانت الخطب هي وسيلته الوحيدة لايصال صوته للناس لذلك فهو لايترك مناسبة الا وخطب فيها وشجع اصحابه وانصاره على فعل المِثل لان المخطط الاموي اراد ان يقتل الحسين في الصحراء ويدفن معه الحقيقة قبل وصولها للناس .خطب الحسين ع في الجيوش التي اتت لقتاله في كربلاء حيث قال (ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ; ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ، فإني لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برما) وذكّرَهم ( إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت علي رسلكم أن أقدم علينا فانه ليس لنا إمام لعل الله يجمعنا بك على الهدى) . تكمن قيمة الخطب تلك في انها حركت ضمائر الناس وارشدتهم الى الصواب كما حصل مع الحر بن يزيد الرياحي , واصبحت شعاراً للحرية والكرامة وقد تجاوز تاثير هذه الشعارات حدود الزمان والمكان كشعار (هيهات منا الذلة) الذي اصبح شعار الاحرار في يومنا هذا .وسلك اصحاب الحسين ع نفس اسلوبه الاعلامي الخطابي فكلما خرج احد منهم للقتال , خطب في الناس والقى عليهم الحجة واوضح لهم الحق والباطل لكي لا يبقى هناك من يقول لااعلم .

ثم ان الحسين ع عندما خرج من المدينة كان عارفا ان مسيرته تحتاج الى من يكملها اعلاميا بعد استشهاده لذلك اصطحب السيدة زينب ع معه , ولم يكن الامام علي بن الحسين ع قاصرا عن القيام بذلك الدور فهو من اهل بيت يزقون العلم زقا , الا ان الحسين كان يعلم ان الرجل منهم مقتول لامحالة ولو تكلم زين العابدين ع في مجلس يزيد او ابن زياد , واحتج واعترض لكان مقتولا حتما وكاد يحصل ذلك لولا ارادة الله و تدخل السيدة زينب ع حينما امر يزيد حرسه باخذ علي بن الحسين وضرب عنقه فاعترضتهم السيدة زينب ومنعت ذلك .وكانت العرب سابقا تعتبر قتل النساء لمجرد الكلام ,عار وقبح ونزول بشخصية الرجل واسمه الى الحضيض لذلك كانت السيدة زينب الوسيلة الاعلامية المضمون بقاؤها لنشر الثورة الحسينية , وهي معروفه بالفصاحة والبلاغة المأخوذة عن ابيها علي ع , وفي حديث لبشير بن خزيم الاسدي ( فلم ارى والله خفرة انطق منها كانها تُفرغ عن لسان ابيها علي بن ابي طالب ), كما ان الحسين ع خبِرها صبورة على البلاء كما امها الزهراء ع قادرة على تحويل عاطفتها وحزنها الى خطاب ثوري بالحجج والبراهين من كتاب الله وسنة رسوله فكانت خطبتها , التي قضّت مضاجع الظلمة وهزت عروشهم في عقر دارهم واحيت ضمائر اناس اماتها الجشع والطمع في الدنيا اوالخوف من بطش الحاكم حيث قالت لاهل الكوفة : (يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر...,ألا ساء ما تزرون ، وبعداً لكم وسحقاً فلقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلة والمسكنة ) .وفي الشام وجهت خطابها الى يزيد مباشرة محتجة بايات من الذكر الحكيم وبحقائق حصلت على ارض الواقع تخرجه حتما من دين الله وتضعه في خانة المستهتر بالعقيدة والمعتدي على ارواح وكرامة الناس مما اضطره الى ان يغطي على فعلته ويهدئ من ثورة النفوس ضده في الشام باقامة عزاء للحسين ع في داره ,الا ان فعله باء بالفشل لان خطاب السيدة زينب مع خطاب الامام زين العابدين معا ألّبا الراي العام واججا الثورة داخل النفوس , فخطبة السجاد ع في الكوفة والتي قال فيها(انا ابن مكة ومنى ...أنا ابن المذبوح بشط الفرات ، أنا ابن من قتل صبراً ، وكفى بذلك فخراً) ابكت الناس جميعا وخطبته عليه السلام في الشام والتي رفض يزيد بدءاً قيام الامام بها وقال لمن حوله (اِنْ صعد المنبر هذا لم ينزل الا بفضيحتي وفضيحة ال ابي سفيان ) هذا دليل على بلاغة الامام السجاد وقوة حجته وقوة تأثير التحرك الاعلامي .وما هي الا بضة اشهر حتى بدأت ثورة الناس ضد يزيد متمثلة بحركة التوابين الذين ندموا على خذلانهم للحسين ع , لكنها فشلت , فتبعتها ثورة المختارالمعروفة التي قُتل فيها عبيد الله بن زياد لع.هكذا خطط الحسين ع لثورته اعلاميا ونجح نجاحا لامثيل له في التاريخ لدرجة ان ذكره كقائد ثار من اجل الحق والعدل وحرية الرأي مازال ليومنا هذا وابدى كثيراً من الكتاب والادباء والثوار الاجانب ومن غير المسلمين اعجابهم المنقطع النضير بشجاعته وجرأته ولولا تلك الخطب وذلك التخطيط الناجح بمصاحبة السيدة زينب والامام زين العابدين ع له في رحلته لما سمعنا بثورة الحسين من اجل الحق والحرية والكرامة ولزُوِّرتْ وحُرِّفت الغاية من مسيرته تلك .

****************** ابن اعثم ** الطبرسي

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك