خضير العواد
لقد صمم العراقيون على بناء بلد ديمقراطي يحيى فيه الجميع بالتساوي ، على الرغم من الصعوبات الجمة التي وقفت حائل أمام هذا البناء ، ولكن العراقيون ضحوا وعانوا وصبروا حتى أفشلوا جميع المخططات التي أرادت أن تهدم العملية السياسية في العراق ، وبسبب الهجمة القاسية التي قادتها أغنى دول في العالم ونفذها لهم أسوء ما عرف العالم من مجرمين وهم القاعدة والوهابية بالإضافة الى بعض العراقيين الذين قد باعوا ضمائرهم ووطنيتهم بأبخس الأثمان ، فأن العملية الديمقراطية في العراق تواجه الكثير من الضغوط والتهديد من قبل ممن يخسر مكاسبه وأمتيازاته فالسعودية وقطر وبقية دول الخليج لا تحبذ قيام نظام ديمقراطي في العراق لأنه سيصبح نقطة تهديد لعروشهم وقد تاثرت بالفعل الكثير من الشعوب العربية بالتغيرالذي حدث في العراق ، بالإضافة لبعض المجاميع التي تشترك بالعملية السياسية وهي رافضة للعملية الديمقراطية بل محاربَ لها وتسعى لتدميرها لأن العملية الديمقراطية تحطم كل أحلامهم في العودة الى حكم العراق بالحديد والنار ، فبسبب هذه الضغوط والتحديات يجب أن يعطى الدستور وبنوده الكثير من الإحترام والتقيد بمحتواها حتى يتم تثبيت أسس الديمقراطية ، وهذا يتطلب أن يتجه الجميع الى الدستور في كل خطوة من خطوات العملية السياسية ، وهو الفيّصل في كل القضايا لأنه الميثاق الذي صوت عليه الشعب العراقي وموافقتهم عليه لكي يكون الراعي الوحيد للعملية السياسية ، فعليه يجب على كل قيادي أو سياسي أن تكون تصريحاته أو أراءه أو أفكاره التي يطرحها موافقة لبنود الدستور وأن لا تخالفه ، لأن الدول الديمقراطية لم تنجح إلا بإلتزامها بالدستور مع العلم عندهم شخصيات مفكرة وعبقرية في عالم السياسة ولكن الدستور خط أحمر لا يمكن لأي شخص أن يهمل بند واحد منه وإذا همله أو عطّله عندها سيكون القضاء ينتظره فكلما كان الألتزام ببنود الدستور أقوى كلما كانت الحياة الديمقراطية أكثر قوة ومتانة ، وإذا أريد طرح فكرة معينة تخالف الدستور لا يمكن تطبيقها فيجب أن يتجه الساسة الى أدوات الديمقراطية لكي يتم تشريع قانون يتناسب مع هذه الفكرة فبدون هذا القانون لا يمكن تطبيق هذه الفكرة ، كما هو الحال مع عدد المرات التي يمكن لرئيس الوزراء تولي هذا المنصب ، الدستور العراقي لم يحدد فترة محددة بل يمكن لرئيس الوزراء ترشيح نفسه لأكثر من مرة كما هو الحال في كندا وبريطانيا ، ولكن في هذه الأيام نلاحظ الكثير من التصريحات التي تريد من السيد المالكي أن لا يرشح نفسه لولاية ثالثة ، هذا الطلب مخالف للدستور لأن الدستور أعطى الحق لكل مواطن عراقي ترشيح نفسه لأكثر من مرة فلماذا تريدون منع مواطن عراقي من هذا الحق الدستوري ، ولكن إذا أستطاع البرلمان العراقي أن يسن قانون يحدد عدد المرات التي يتيح لأي شخص تولي رئاسة الوزراء عندها حتى طلبكم لا يحتاج إليه بعدم ترشيح المالكي وإنما الدستور سيمنع ذلك والجميع يجب أن يطبقوا الدستور بحذافيره ، وإذا لم تستطيعوا سن مثل هكذا قانون فيجب على أن تحترموا الدستور وأن لاتصرحوا أو تطرحوا أفكار تخالف الدستور ، لأن المسألة ليست أنا أريد أو أنا أحب أن تكون هذه الفكرة أم تلك لأن نظامنا ليس نظام دكتاتوري كلما يريد الرمز القائد يجب أن يطبق أو كما قال الدكتاتور صدام القانون هومجرد جرت قلم ليس إلا ، بل نظام يعتمد على الدستور في كل شئ وعلى تشريعات البرلمان ، وهكذا سيتم بناء بلد ديمقراطي نضمن من خلال هذا النظام الحياة السعيدة للأجيال وحتى نؤمن لهم عدم رجوع الدكتاتورية الى حكم العراق ، لهذا يجب ان نتبع الدستور في عملية تحديدعدد المرات التي يمكن لرئيس الوزراء أن يتولى هذا المنصب وليس التصريحات الرنانة التي تربك الحياة السياسية وتعرضها الى مخاطر لا يحمد عقباها .
https://telegram.me/buratha