ازمة الثقة الراهنة، على كبرها ودلالاتها، تخفي ازمات اكبر.. فمنذ عقود ونحن لا نقدم حلولاً لقضايانا الاساسية.. ونستمر دون ان نسائل انفسنا.. هل تحسن امننا عما كان الامر عليه في الخمسينات والستينات؟ وهل افاقنا الاقتصادية افضل؟ واسسنا لنظام حقوق ومصالح يحقق التقدم والرفاه؟وهل تحسنت الزراعة والصناعة والخدمات؟ ام ازداد اعتمادنا على النفط؟.... وهل قدمنا حلولاً جدية لمسائل الفقر والجهل والتعليم والصحة والبيئة والمياه والطرق الخربة والبيوت الصفيحية والكهرباء والمواصلات والاتصالات.. وغيرها من مستلزمات تخرجنا من دورة التخلف وتدخلنا في دورة التقدم؟
ولاشك لدينا ان البلاد ستستمر في انتاج الازمات التي هي ليست مجرد اختبار لاشخاص.. بل اختبار للنظام الجديد..وهل سيعيد انتاج علاقات الماضي ونتائجها ام سينجح في انتاج علاقات جديدة ونتائج نرتقي بها لمصاف الامم الناهضة. فالازمات المزمنة وتكرارها هو كالامراض المزمنة.. عطل لنظم الحياة ولحسن عمل الاعضاء والمركبات.. التي تقود للنوبات والعذابات او المصير المحتوم.
والخوف كل الخوف، ان نكون قد سقطنا في حالة نعتبر التعايش مع الازمات حلاً لها.. فندخل الحروب فيما بيننا ومع جيراننا.. او نتحمل تفجيرات القاعدة والارهاب ونقدم يومياً عشرات ومئات الضحايا فلا نجد من حل سوى التبريرات وبكاء موتانا وادانة اعدائنا.. او ان نعتاد انعدام الخدمات، وتراجع مؤشرات التقدم، وغزو جيوش العاطلين والخراب والقاذوراتوالروائح الكريهة والفوضى، ورواج اخلاقيات الكذب والغش ، والفساد.. لنرمي المسؤوليات على غيرنا ولا نحاسب انفسنا.. ولا نعتبر ذلك سبة واهانة لسيادتنا وكرامتنا، لكننا ننتفض اذا ما مساحدهم مسؤولاً او زعيماً.
مرت امم غيرنا بما هو اسوء مما نعيشه، وامتلكت امكانيات بشرية وطبيعية اقل مما لدينا.. لكنها استطاعت عبر قيادات مسؤولة، وعمل دؤوب، وتعاضد ابناء الشعب، والتخلي عن اساليب المخادعة.. والالتزام بالمصارحة والصدق والمناهج البناءة العملية والعلمية من الانتقال من وضع لاخر جديد تماماً. فالاعداءالتاريخيون ليس هذا الشخص او ذاك الحزب او تلك الدولة.. بل العنف والفقر والجهل والتفرقة وسوء الادارة والفساد.... والقوة -اساساً- ليس ابراز العضلات والتصريحات النارية، واثارة الاحقاد، بل الكفاءة والامانة والعمل والتعليم والنظام والقانون والحقوق، وجعل ميزان الصالح والطالح ليس الادعاءات، بل تحقيق الخير والتقدم بالوقائع والارقام.. ووضعها لخدمةالانسان والمواطن، الذي اكرمه الله سبحانه، ولم تكرمه نظمنا.
5/5/623
https://telegram.me/buratha