( بقلم : علي حسين علي )
إذا كان احتجاز سماحة السيد عمار الحكيم قد جرى خطأ فإن هذا (الخطأ) لا ينبغي أن يمر دون محاسبة القائمين به..وان كان هذا العمل غير المسؤول قد تم الاعتذار عنه من قبل السفير الأمريكي ببغداد وابداء الأسف لوقوعه والوعد باجراء تحقيق لمعرفة اسبابه، فإنه يظل عملاً فجاً لم يكن سماحة السيد عمار الحكيم طرفه المتضرر وحده، بل أن المتضرر الأكبر هو الشعب العراقي والدستور العراقي أيضاً وسيادة الدولة العراقية كذلك.
فسماحة السيد الحكيم لم يكن شخصاً عادياً-مع احترامنا لكل المواطنين- بل كان مجاهداً على طريق جده وعمه وأبيه ضد اعتى نظام استبدادي عرفه تأريخ العراق الحديث..فضلاً عن ذلك فإنه سليل الدوحة المحمدية وابن العائلة الحكيمة التي ظلت على امتداد حوالي القرن تعمل لمصلحة العراق وتضحي بخيرة علمائها وشبابها من أجله..فالسيد عمار الحكيم هو ابن الأسرة الدينية العلمية المرموقة والتي لا تذكر إلا وذكر معها العلم والجهاد والتضحيات من أجل اتباع أهل البيت (ع).
والسيد عمار هو ابن ذلك الرجل الحكيم المجاهد الذي أعطى ربه وشعبه مثلما اعطى أجداده من تضحيات بالارواح وما يملك، وقاد جموع المجاهدين لعشرات السنين في مقارعة الظلم والجور والاستبداد، ثم قاد العراقيين بعد سقوط الصنم باتجاه الأمن والسلم وكرامة المواطن، ورغم أنه قد فجع بشقيقه الشهيد آية الله محمد باقر الحكيم زعيم العراق الراحل وباستشهاده هدم ركن متين من أركان العلم والمجد والتضحيات العظام، إلا أن هذه الرزية لم تفت بعضد القائد عبد العزيز الحكيم، لأنه تربى على الصبر والاستشهاد والسعي لمرضاة الله نعالى.
مثل هذه العائلة المجاهدة الكريمة ما كان صحيحاً أن يتعرض أحد أبنائها لاحتجاز حريته، فالسيد عمار الحكيم كان معروفاً بشخصه واياديه الخيرة في العراق وخارجه، ففي العراق كانت له اليد الطولى في مجالات الثقافة والتوعية وعمل الخير، وفي خارج العراق كان سماحته شخصية وطنية دينية وسياسية لا تخطئه العين أو يتوهم به حتى من عمت بصيرته، لان اسمه كاف للتعريف به.
أحدى عشرة ساعة قضاها سماحة السيد عمار الحكيم محتجزاً، وربما كان بعض من يقف وراء هذا العمل الشائن يريد أن يستقصي ما لهذا الرجل وعائلته الشريفة من شعبية داخل بلاده أو خارجها..وكان الجواب سريعاً وعالياً وصاعقاً، فالعراق من شماله الى جنوبه ومن غربه إلى شرقه كان قد استفز بكرامته-وليس ذلك ردة فعل-بل هو موقف للعراقيين ان كان ذلك قبل الاحتجاز أو بعده، فرموز العراقيين يقف في صدرها ابناء واحفاد الإمام محسن الحكيم(قدس) ومحبة هذه العائلة وقد زرعها الله في القلوب وانبتت خيراً وفضلاً وردت الاحسان بالاحسان..فبقدر ما أحب العراقيون هذه العائلة الكريمة والعريقة، فإن آل الحكيم كانوا نعم الآوفياء لشعبهم ووطنهم وهم في مقدمة أهل العلم والدين من حيث ان دماءهم جرت كالشلال طوال أكثر من ثلاثة عقود افتداءً للعراق وأهله.
وإذا كان العراقيون قد فاجأوا من أراد بعمارهم شراً، فانهم قد فاجؤوا المتربصين بالعراق وشعبه ممن هم في داخل البلاد أو في خارجه..فقد تبين لكل ذي بصيرة أي علاقة تشد هذا الشعب الى رموزه..وأي آمال يعلقها هذا الشعب على قادته الدينيين والسياسيين..ولربما هي ضارة نافعة أن تأتي الرياح بما لا يشتهي أصحاب الغرض السيء.
أمس، وأمس الأول، كان يوماً للشعب العراقي قال فيه كلمته وجدد فيه ولاءه وأكد فيه عزمه على السير في طريق ذات الشوكة الذي تدمى فيه الأقدام وتعمر فيه القلوب بالايمان وعمل الخير.أمس، وأمس الأول، لم يكن يوماً لسماحة السيد عمار الحكيم ليتعرف فيه على موضعه في قلوب العراقيين فحسب، بل كان يوماً للعراقيين ليثبتوا للداني والقاصي أنهم يرفضون ويستنكرون ويشجبون بشدة أي تصرف لا يليق برموزهم الوطنية والفكرية والعلمائية خصوصاً ان كان هذا الرمز شخصية كشخصية عمار الحكيم.
https://telegram.me/buratha