نور الحربي
رُبّما يتساءل البعض عن الطريقة التي تتم بها عملية سحب الثقة عن الحكومة ولماذا وكيف وما هي دواعي هذه العملية والى أين تمضي بالبلاد في ظل حالة التقاطع الكبيرة التي نعيشها اليوم، إنّ عملية سحب الثقة احد الإجراءات الدستورية التي تبدأ من رئيس الجمهورية وتنتهي بالبرلمان في عملية دستورية ينبغي السير بها ضمن هذه الأطر لا غير،مع ذلك فأن بعض القوى والقيادات السياسية ترى أنّ عمليّة سحب الثقة من الحكومة الحالية سيقود الأوضاع إلى المجهول ولهذا فأن جهوداً جبارة تبذل من قبل سماحة السيّد الحكيم وبعض القوى الخيرة الأخرى لجمع الفرقاء إلى طاولة الحوار الوطني لحل الإشكالات التي دفعت الأمور بهذا الاتجاه بعد ان تنصل الفرقاء عن تعهداتهم واتفاقاتهم والتزاماتهم تجاه أبناء الشعب العراقي ليلجئوا إلى خيار التمترس خلف مطالب غاية في الصعوبة يصل بعضها الى حد الاستحالة كما يلاحظ بجلاء تكريس حالة الاستقواء ببعضهم على حساب البعض الآخر، ان عملية جمع تواقيع النواب للوصول الى النصاب القانوني (164) نائباً مؤيداً لعملية سحب الثقة فبالرغم من عدم حاكمية التواقيع لا يشكل الحل النهائي لأن الأمر أكثر تعقيداً بالوصول الى التصويت في مجلس النواب لإثبات تحقق هذا الخيار من عدمه، لكنّ هل ان مثل هذه الإجراءات ستقود الأوضاع نحو الاستقرار؟؟، وهل ستعزز الكتل والقوى المنتصرة حالة الشراكة والثقة المتبادلة المرجو تحقيقها بين المكونات؟؟، وهل سيكتب للحكومة البديلة ان كتب لها الظهور على ارض الواقع ان تحقق النجاحات ؟؟، وللإجابة فانه لا يمكن لأيّ حكومة أن تحقق النجاحات على أي صعيد كان ما لم تكن هناك شراكة حقيقية بين المكونات داخل العملية السياسية من هنا فان بعض ما طرح مؤخرا من ملاحظات بعضها محق وبعضها الآخر يحتاج الى ان يفهم كل الشركاء طبيعة التشكيلة الحكومية فهي ليست استئثارية بقدر ما هي حكومة توافقات وشراكة وطنية وهذه الملاحظات ليست جديدة بطبيعة الحال، وقد اشرها المجلس الأعلى وسماحة السيد الحكيم قبل فترة ليست بالقصيرة ومنها استحواذ فئة بعينها على المناصب والمواقع الحكومية وتهميش وإقصاء بعض الجهات الأخرى مما أعطاها الذريعة ومنحها الدافع في الذهاب لسحب الثقة من الحكومة.عدا التيار الصدري الذي اخذ أكثر من استحقاقاته الانتخابية وهو غير محق بادعائه التهميش، كما ان عدم الالتزام بتنفيذ الاتفاقات ومنها ورقة أربيل التي شكلت على أساسها الحكومة رغم الخطأ الكبير الذي جعلها ورقة تعقيد بسبب سريتها لا ورقة حل، مما جعل الكرد ينظرون للمالكي بريبة وهذا سبب آخر دفع تحالف قوى أربيل للذهاب الى خيار سحب الثقة كما ان تجيير الإنجازات لجهة واحدة فيما تتهم الجهات الأخرى الشريكة بالتقصير والفشل في تنصل واضح عن تحمل المسؤولية في النجاح والفشل وهذا ما شاب خطاب أطراف كثيرة ومؤثرة في دولة القانون ومصاديقها كثيرة (رجل المرحلة.. المنجزات الأمنية .. المفاوض العراقي البارع )، أما مخاطر عملية سحب فأهمها أنّ يذهب الفرقاء بالبلاد إلى المجهول في ظل حالة الاستقواء ببعض حكومات دول الجوار على حساب السيادة الوطنية. وحتى لا تجير العملية على أنها استعداء لشخص رئيس الحكومة وتأخذ بعداً شخصياً فأن انتهت الأمور بعدم نجاح عملية سحب الثقة فهذا لا يعني انتصار للمالكي بقدر ما هو نجاح للمشروع الوطني ولغة الحوار التي ينبغي أنّ تسود عبر عقد اللقاء الوطني تحت خيمة الدستور. والمطلوب بكلّ تأكيد قبل هذا وذاك ان يتخذ الجميع خطوات لتعزيز الثقة بين جميع الأطراف بدل تعميق حالة الخلاف وهذا ما سيبدد مخاوف الشارع العراقي من المجهول ومعالجة حالة اليأس التي وصل إليها نتيجة للتصريحات النارية والتلويح بالذهاب إلى الاقتتال.
https://telegram.me/buratha