عباس المرياني
ذهبت الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد في الأشهر الأخيرة وحتّى يومنا هذا باتجاهات خطيرة قد تعصف بكلّ ما تم إنجازه خلال سنوات الدم والتضحية السابقة بسبب حالة التصارع والتكالب على المصالح الشخصيّة والحزبية والفئوية والتمترس وراء واجهات ويافطات ضيقة ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة.وبكلّ تأكيد فإن الأزمة السياسيّة الحالية تعتبر الأكبر والأشمل والأسوأ لأن جميع الفرقاء السياسيين ممن يتربع على عرش قارون في حكومة الشراكة الوطنية يسعى لإشعال الحرائق دون التفكير بكيفية إطفائها أو السماح للآخرين بالمساعدة في التهدئة ووقف حالة الغليان والتهيج الهستيري لكبار القوم وقادتهم.ومن المحزن أنّ يستمر الفرقاء السياسيين بزيادة سرعة الاحتقان في تعاطيهم مع مشكلة يمكن حلها بالهدوء والحوار والركون إلى منطق العقل وطاولات التفاهمات مع إبداء المرونة والتنازلات، ومن ثم جعل الدستور حكما وفيصلا لان الاحتراب وإشعال الحرائق لن يحل الصعاب بل يجعل مساحة النيران تمتد إلى مساحات أخرى تصل إلى جمهور المتخاصمين لتعلن بعدها البيانات وتجري الدماء انهارا دون ان يكون هناك طرف منتصر على طرف آخر بل أن الجميع سيكون خاسراً للرهان باستثناء أعداء العراق وتجربته الديمقراطية الراشدة.إنّ الساحة السياسيّة العراقية لا زالت لم تبلغ سن اليأس في ولادتها للرجال القادرين على دفع المخاطر عن أبناء هذا الشعب العراقي بما يملكون من حنكة وتجربة وحرص حقيقيين على مصالح هذا الشعب ومنع الانحدار الى منزلقات خطيرة يكون طريق العودة فيها أمر مستحيلاً.إننا نعتقد بأننا وصلنا الى مرحلة حرجة لم نجني منها غير تفقيس المشاكل وتراكمها وبالتالي فان استمرارها لن يكون عملاً منطقياً، ومن الواجب التفكير الجدي في كيفية استثمار هذه المشاكل في إيقاف القصف الإعلامي القائم اليوم والمتبادل بين الأطراف وإيقاف التصريحات النارية التي يطلقها كل طرف تجاه الطرف الآخر، والبدء بمرحلة الهدوء والتي تسمح للخيرين في أن يساهموا في العثور على المنطقة الوسط التي يمكن ان تلتقي فيها كلّ الحقوق وكل الإرادات دون كسر لطرف بالنسبة للطرف الآخر.إنّ الجميع معني اليوم بضبط التصريحات ووضع حد لوسائل الإعلام التابعة له، كي لا تتحول إلى ماكنة تصب الزيت في النار وتولد الحرائق وتشعل ما في النفوس وتقطع جسور المودة والمحبة بين أبناء شعبنا وبين القوى السياسية، مما يؤسس لقطيعة سياسيّة في البلاد وهو اخطر ما يمكن أنّ نصل إليه في المرحلة الراهنة.
https://telegram.me/buratha