( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
في تطور مفاجئ ابلغ رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن نيته سحب القوات البريطانية العاملة في العراق والمتمركزة في القاطع الجنوبي من البلاد بدءاً من محافظة البصرة. القوات البريطانية كان الذي عليها اكثر من الذي لها في هذه المنطقة التي شهدت اجواء متشنجة ومواجهات ومصادمات مع بعض القوى والشرائح الاخرى، فيما اظهرت وثائق مشكوك في توقيتها انتهاكات لتلك القوات في المنطقة التي تعمل فيها ضد الواجهات والشرائح المعنية وكيفما يكون التوقيت، لماذا ومتى؟ وكيفما يكون حجم وشكل الانتهاك وضدُ مَنْ موجهة تلك الاساءات فهي بالتمام والكمال تبقى موضع الشجب والاستنكار الشديد.
المهم في ذلك ان المراقب السياسي بات يستشعر ان نشر تلك الوقائع بذلك التوقيت بات الغرض منه يرتبط بالقرار البريطاني الحالي الذي سينتهي بعد شهرين الى البدء بعملية الانسحاب العسكري من المنطقة الجنوبية وهذا بدوره يتماهى الى حد بعيد مع الجو السياسي والنفسي القائم حالياً في الولايات المتحدة والذي تتجه بوصلته بنفس الاتجاه الذي تشير اليه البوصلة البريطانية، وما يؤكد ذلك ان البوصلتين ان كانت الامريكية او البريطانية كانتا دائماً تشيران الى حد التطابق في الممارسة والاتجاهات ليس في مسألة الانسحاب من العراق من عدمه انما في كل القضايا والمنعطفات المفصلية والاستراتيجية التي يشهدها العالم والتي تنعكس تأثيراتها ومؤثراتها على الموقف السياسي والاقتصادي والامني لهاتين الدولتين.
الذي يراد التأشير عليه ان أي شعب لا يشرفه في كل الاحوال ان يبقى تحت ارادة الاحتلال الاجنبي وان القوات الحالية العاملة في العراق وطبقاً للوائح الامم المتحدة هي قوات متعددة الجنسيات وليست قوات محتلة، على الاقل منذ حزيران في العام 2004 ويفترض بهذه القوات ان تعمل وفق ايقاعات القرار السياسي والامني العراقي وليس العكس، اما نحن في المجلس الاعلى فان الاستقلال هو مفردة من مفردات سياستنا وهدفاً استراتيجياً من اهدافنا، لكن يبقى ذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً وجدلياً وميدانياً وعضوياً بالاوضاع التغييرية التي تشهدها البلاد وخصوصاً في مجال اعادة بناء قواتنا المسلحة، فانسحاب القوات المتعددة الجنسيات قبل الانتهاء من الاولويات والاستحقاقات الوطنية انما هو مجازفة دولية قد تجر البلاد والمنطقة الى استحقاقات اسوأ وهذا ما نريد التحذير منه، لكن تبقى ثقتنا بتجربتنا الجديدة وقوانا الامنية والعسكرية ولجاننا الشعبية بانها فرس الرهان الذي نواجه به كل التحديات التي نخوضها الآن ونأمل ان تعي المنظومتان الدولية والاقليمية مسؤوليتهما الدولية في اتخاذ أي قرار من شأنه ان يعرض المنطقة الى اهتزازات وانفجارات هائلة باعتبار ان هذين الدائرتين هما من ارتضتا لقراريهما التدخل باوضاع المنطقة وايصالها الى المشهد الذي نعيشه الآن.
https://telegram.me/buratha