مُحمَّد العقيلي
حينما يكون الدم هو الناطق وهو الضمير اليقظ على بشاعة "العُربان"، لا جدوى من البوح، إذ تغدو الكلمات بمثابة الثرثرة التي لا طائل منها سوى التنميق والزخرفة اللفظية، وأنا هنا لستُ بصدد الزخرفة بل لأرشفة الحدث وتوثيق القراءات التي قيلت به، ففي مجزرة يوم الأربعاء التي راح ضحيتها المئات بين شهيد وجريح، أثبتت مرةً أخرى وبما لا يدعُ مجالاً للشك، بأن هؤلاء القتلة والمتوحشين الذين تعجز كُلّ قواميس اللغة وألفاظها ودلالاتها أنّ تجد لفظ يصف هول تلك المجزرة البشعة لم ولن يتوانوا بأن يسفكوا دماء فقراء العراق متى ما شاءوا، فحتّى عصور التخلف والبشاعة والوضاعة لم تحدثنا عن استهداف الأبرياء بهكذا أساليب متدنية وقذرة ومتفننة في حصد أكثر الأرواح، ولنا أنّ نقرأ المشهد من كلّ جوانبه، فما حصل كان بمثابة نكسة للملف الأمني الذي قيل ما قيل عنه، وخرقاً واضحاً وجلياً للخطة الأمنيّة التي وضعت لحماية للزائرين والتي من المفروض إنّها اكتملت منذ أيام أيّ قبل بدأ مراسيم الزيارة، وعودٌ على بدء تلك القراءات أوجزها بالآتي:القراءة الأوّلى: بيانات شجب واستنكار، تنديدات، سخط إعلامي غير متزن، قراءة غير موضوعيّة، سيلٌ من التبرّيرات والتسويغات، وعودٌ بتغيير سيطرأ على قادة الملف الأمني.القراءة الثانية: الوضع السياسي المتأزم هو من يلقي بظلاله على الملف الأمني، وبالتالي الساسة هم من يتحمل تلك المأساة وتلك الدماء التي نزفت، بل هم من أعطى منطقة فراغ لدخول الإرهاب وضرب الناس في عقر دارهم، فدماء الناس هي ذمة في أعناق السياسيين العراقيين.القراءة الثالثة: لابُدَّ من توظيف النظرية العلميّة في مسألة الملف الأمني، كون الأمن معادلة تعتمد في جوهرها على عنصر المعلومة والمباغتة، وبالتالي لا مبرّر لهذا الكم الهائل من السيطرات، والكتل الكونكريتية، والمرابطات، ما لم تكن مدعومة بالمعلومات التي تشخص أماكن تواجد تلك الزمر الإرهابيّة.القراءة الرابعة: عدم تجهيز القوات الأمنيّة بالمستلزمات التي من شأنها المساهمة في الحد من انتشار المفخخات ووسائل المتفجرات، إذ من غير المعقول إلى الآن أنّ توظف وتسخر الدّولة كلّ طاقتها في رفد ودعم مشاريع أخرى، في حين أنّ الملف الأمني بحاجة ماسة لهذا الدعم كونه يمثل صبغة الدّولة وركيزتها المحورية.القراءة الخامسة: بيان لتنظيم القاعدة الإرهابي، يتبنى تلك المجزرة بحجة دفاعه عن أهل السنة الذين انتزعت منهم الأوقاف من قبل الشيعة بمنطق القوة، ولأن التنظيم غيور وخلوق وأهل للنخوة والحمية العربانية!!، فقد قام بقتل فقراء العراق وذبح الأبرياء وتيتيم المئات من الأطفال كي يسترد للمهمشين حقوقهم التي أخذت منهم عنوةً.القراء السادسة: انتهى العرض وإلى مشهدٍ آخر.نقطة ضوء:"في الوقت الذي تكون فيه الكذبة تركض حول العالم، تكون الحقيقة مازالت ترتدي أحذيتها"جوناثان ألتر
https://telegram.me/buratha