خضير العواد
ولد الإمام الكاظم (ع) في زمن عبد الملك بن مروان في عام 128 هجرية في منطقة تسمى الأبواء ما بين مكة والمدينة ، وقد أستمرت إمامته خمسة وثلاثون عاماً حيث أستلم الإمامة وله من العمر عشرون سنة في عام 148 هجرية ، وقد عاصر مجموعة من ملوك عصره كالمنصور والمهدي حيث بقى في الملك عشرة سنوات والهادي لمدة سنة واحدة وهارون العباسي 15 سنة ، وقد عاش الإمام موسى بن جعفر (ع) في فترة صعبة للغاية من الناحية الفكرية والسياسية ، فقد ظهرت الى الساحة فرق أرادت شق صف الموالين لأهل البيت عليهم السلام فقد ظهرت الإسماعلية التي أتخذت من إسماعيل بن الإمام الصادق (ع) إماماً بدل أخيه الإمام الكاظم(ع) على الرغم من موت إسماعيل في زمن أبيه الصادق (ع) وكذلك ظهور الفطحية الذين أتخذوا من عبد الله الأفطح إماماً لهم ومن ثم ظهرت الخطابية وغيرها من الفرق التي أربكت الساحة الشيعية ، وقد واجه الإمام الكاظم (ع) كل هذه الفرق وفند أرائهم وأفكارهم المنحرفة بالرغم من تسلط مجموعة من الملوك في زمانه على مقاليد الحكم وقد عاملوا الإمام الكاظم (ع) ومواليه بقسوة شديدة ، ولكن الإمام (ع) واجههم أيضاً وأظهر الحقائق للناس من خلال التصدي لسياساتهم ومواقفهم المنحرفة عن الأسلام ، فمثلاً ذات يوم كان المهدي العباسي يرد المظام فقال الإمام (ع) ما بال مظلمتنا لا ترد فقال المهدي العباسي وماذاك يا أبا الحسن فقال الإمام (ع) (إن ألله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه فدك وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فأنزل إلله على نبيه أن أدفع فدك الى فاطمة الزهراء (ع) فلم يزل وكلاء فاطمة (ع) فيها في حياة الرسول (ص) فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها فأخذها منها غصباً , المهدي العباسي يا أبا الحسن حدها لي ؟ الإمام (ع) (حد من أحد وحد منها عريش مصر وحد منها سيف البحر وحد منها دومة الجندل ) , المهدي كل هذا ؟ الإمام (ع) ( نعم هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول ألله (ص) بخيل ولا ركاب ), المهدي كثير سوف أنظر فيه . وبسبب الظلم الذي أستشرى على الناس وحياة البذخ والسهرات الماجنة والإغداق على أهل الطرب واللهو فقد ثار العلويون وشيعتهم بقيادة الحسين بن علي على الخليفة العباسي موسى الهادي وألتقوا مع جيشه في واقعة فخ الأليمة وقد فشلت الثورة وأستشهد قائدها وأخذت أخته زينب والبقية الباقي من الثوار ومؤيديهم أسرى الى الخليفة العباسي وعاملهم أسؤ من معاملة بني أمية بأسرى كربلاء , كان موقف الإمام الكاظم(ع) من ثورة فخ إيجابياً فأنه بشر صاحب الثورة الحسين بن علي بالشهادة وأوصاه بالقوة والصبر قائلاً له (أنك مقتول فأحد الضراب فإن القوم فساق ....) فقد واجه الإمام الكاظم (ع) الحكومات الظالمة بصورة مباشرة تارةً وبصورة غير مباشرة تارةً أخرى وقد حاول على إضعاف هذه الحكومات من خلال إبعاد الناس عن العمل وتحذيرهم منهم حيث جاء رجل الى الإمام (ع) وقال له إني خياط أخيط ثياباً لهؤلاء العباسيين فهل تراني من أعوان الظلمة ؟ فقال الإمام (ع) (إن الذي يبيعك الخيوط والإبر من أعوان الظلمة وأما أنت فمن الظلمة أنفسهم ) وفي رواية ثانية تصب في نفس المعنى جاء رجل للإمام (ع) قال له لقد أستأجر هارون بعض جمالي لقوافل الحج فهل في أمواله شئ من الحرام ؟ فقال الإمام الكاظم (ع) لاتؤجره جمالك فإنك تحبه فقال الرجل لا أبداً لا أحبه فقال الإمام (ع) ألا ترجوا في نفسك أن يعيش هارون حتى ترجع جمالك ويعطيك أجرتك ) قال نعم قال الإمام (ع) فأنت إذن معهم ومنهم , فماأعظم الفساد والظلم الذي فعله بني العباس بالأمة الإسلامية حيث المتعاونين معهم من الحرفيين يكونون ظلمة مثلهم وهذا ترجمته هذه المقولة لم تفعل أمية عشر معشار ما فعلت بنو العباس .وأما علمه فقد نقل عن أبي حنيفة أنه قال : حججتُ في أيّام أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) ، فلمّا أتيتُ المدينة دخلتُ دارَه ، فجلستُ في الدهليز أنتظر إذنه ( عليه السلام ) ، إذ خرج صبيّ فقلت : يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم ؟ قال : على رَسْلِك ، ثم جلس مستنداً إلى الحائط ثم قال تَوَقَّ شُطوط الأنهار ، ومَساقط الثمار ، وأفنية المساجد ، وقارعة الطريق ، وتوارَ خلف جدارٍ ، وشلّ ثوبك ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، وضع حيث شئتَ ، فأعجبني ما سمعت من الصبي ، فقلت له : ما اسمك ؟ فقال : أنا موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فقلت له : يا غلام ، ما المعصية ؟ فقال : إن السيّئات لا تخلو من إحدى ثلاث : إمّا أن تكون من الله وليست من العبد ، فلا ينبغي للرب أن يعذّب العبد على ما لا يرتكب، وإمّا أن تكون منه ومن العبد ، وليست كذلك ، فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الضعيف، فإن عَفا فَكرمه وَجُوده ، وإن عاقب فبذنب العبد وجَريرَته وإمّا أن تكون -وهي منه- من العبد، قال أبو حنيفة : فانصرفت ولم ألقَ أبا عبد الله ، واستغنيتُ بما سمعتُ.أما رعايته لمواليه وعطفه عليهم وقضاء حوائجهم فقد شغلت العامة قبل الخاصة والمعاند قبل المحب حتى لقب بباب الحوائج أو قاضي الحوائج ، ففي أحد الايام مرالإمام الكاظم (ع) بإمرأة تبكي وحولها أطفال يبكون أيضاً فقال لها ما بكِ ، المرأة : يا عبد الله إن لي صبياناً أيتاما فكانت لي بقرة معيشتي ومعيشة صبياني كان منها فقد ماتت وبقيت منقطعة بي وبولدي ولا حيلة لنا ...الإمام (ع) ( هل تريدين أن أحييها لك ؟) المرأة : نعم ( ولكنها كانت تتصور أن هذا الرجل يستهزأ بها لأنها لم تعرفه ) ، فتنحى الإمام ناحية فصلى ركعتين ثم رفع يديه وحرك شفتيه ثم قام فمر بالبقرة وضربها برجله ، فأستوت البقرة على الارض قائمة أحياها بأذن الله تعالى بواسطة دعاء الإمام (ع) فلما نظرت المرأة والناس ذلك صاحوا إنه عيسى بن مريم إنه المسيح ومضى الإمام (ع) لسبيله .وقد قضى الإمام الكاظم (ع) أكثر من نصف إمامته في سجون بني العباس يتنقل من سجن الى سجن لكي يبعدوا الأمة عن النبع الصافي الذي ليس فيه شوائب ويجعلوها تتخبط بأفكار علماء السلطة الذين وضعتهم السلطات لحماية سلطانهم لا لتبيان دين الله القويم بل لتضليل الناس عن الإسلام الحق الذي لا يعرف تبيان حقائق كتابه إلا الله والراسخون في العلم الذين هم محمد وآل محمد صلوات الله عليهم جميعاً ، وقد أستشهد الإمام الكاظم عليه السلام في سجن السندي بن شاهك ببغداد ، المصادف 25 رجب عام 183 هجري ، متأثراً بسم دسه إليه هارون العباسي وكان عمره عليه السلام خمسة وخمسون سنة . فسلامٌ عليه يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعثوا حيا
https://telegram.me/buratha