حافظ آل بشارة
الناس يتابعون الأزمة السياسية ، كفلم هندي معروف البدايات مجهول النهايات ، لان مزاج المخرج يحدد نوع الخاتمة ، أطراف الأزمة لديها خطوط حمراء اذا بلغتها يكون الخطر ماثلا ومتوقعا ، كان الناس يعتقدون ان الخطوط الحمراء تتعلق بالثوابت الوطنية الكبرى ، مصلحة المواطن خط أحمر ، الدستور خط أحمر ، الشراكة الوطنية خط احمر ، أمن البلد ، استقلاله السياسي ، خطة التنمية كلها خطوط حمراء ، لكن ومن خلال مراقبة الفلم اتضح ان الخطوط الحمراء الخاصة بالأزمة والتي لا يمكن تجاوزها هي ليست الثوابت التي ذكرتها اعلاه ، بل هي الملفات الفضائحية الكبرى التي يحفظها خصم مقابل خصمه ، ان فضحتني فضحتك ، وان كشفت عني ملفا في قضية فلدي ضدك ملف في القضية نفسها ، تكشف اكشف ، تستر استر ، في هذا الفلم الممثل الاول هدد بكشف اوراق خطيرة تخص الممثل الثاني والممثل الثالث هدد مجموعة ممثلين في نفس الفلم انهم اذا كشفوا ملفه سيكشف لكل واحد منهم ملفا ، الممثل الرابع قال نحن نتمنى ان يكشف الممثل الخامس اوراقنا فنحن قد هيئنا له ملفا يشيب له رأس الوليد فلاذ الممثل الخامس بالصمت واصبح منذ ذلك اليوم قلقا شارد الذهن يدخن بشراهة ، رحلة الحوار المتنقل بين مؤتمرات المدن من اربيل الى بغداد الى النجف ثم اربيل ثانية ، كان فيها الخطاب مبدئيا يراوح بين الادارة والسياسة ، ولكن في الايام الاخيرة انتقل الخطاب الى حقول خطيرة ، تهديدات بالفضح المتقابل ، ويبدو ان حسم القضية يمكن ان يتم عبر هذه النافذة فقط ، الخطوط الحمراء مهددة . شعور بالدهشة في اوساط الشعب ، اتضح ان البلد يعيش على توازن الفضائح الصامت ، بعضهم يجمع معلومات دقيقة حول البعض الآخر ليعد له ملف فضيحة ، اسرار خطيرة هي خليط من قصص الفساد والارهاب ، ولو بذل احد جهده في جمع المعلومات عن الفساد او الارهاب لغرض الاصلاح لما وصلنا الى هذا النفق . الناس يسألون : اذا كانت الكتل والوزارات والبرلمان يعلمون بكل هذه الملفات وما يجري من التستر المتبادل عليها افلا يعني ان هناك جناية وان هناك جانيا ومتسترا ، وان المتستر كالجاني اخلاقيا وان اختلفت العقوبة قضائيا ؟ اذا انفجر الصراع وبدأ التلاطخ والكشف المتبادل ماذا سيكون موقف السلطة القضائية في البلد ؟ لماذا كل هذه الملفات الاجرامية تتشكل والقضاء آخر من يعلم ؟ بلد يعيش على التوازن الجنائي ، التوازن المقبول في السياسة يبدأ بتوازن مصالح المكونات ، واذا تدنى قليلا اصبح توازنا لمصالح الكتل ، واذا تدنى اكثر اصبح توازنا لمصالح الأحزاب ، واذا تدنى اكثر اصبح توازنا لمصالح الشخصيات ، ولكن النموذج الحالي من التوازن فريد من نوعه ، الا انه قد يكون مؤثرا وفعالا لمدة من الزمن ومع تواصل الاحتقان وفقدان الصبر ينفجر ليشكل كارثة للجميع ، كشف الملفات المتبادل لن يحدث وليس فيه رابح ، لأن أغلب اطراف الأزمة بيوتهم من زجاج ولن يضربوا الآخر بالحجارة .
https://telegram.me/buratha
