( بقلم : ناجي الغزي )
إن المشهد العراقي اليومي المأساوي ونزيف الدم الهائل من الجسد العراقي دون رحمة ولا شفقة , يضع العالم الحر والأمة العربية والإسلامية وكل القوى الوطنية العراقية إمام مسؤولية تاريخية أخلاقية وإنسانية اتجاه ما يجري على العراق وأهله , وفي ظل هذا النحر الخطير الذي طال البشر والحجر يتخندق المغرضون بشتى الخنادق الطائفية والعنصرية , ويجعل رهانهم على جراحات العراق والمه دون الاكتراث بحرمة النفس التي حرم الله قتلها. وهل كل الذي يجري تتحمل نتائجه الحكومة العراقية وحدها ؟ وهل تملك عصى سحرية ,لجعل المشهد مقبولا وطبيعيا ؟, وهل يمكن لأي حكومة ترضى لنفسها الفشل ؟, فكيف نرمي بمسؤولية ما يحدث من إرهاب خطير وقتل على الهوية على الحكومة ,وهل نرى خلل في توازن القوى داخل منظومة الحكومة , وعلى الأقل هناك توافق من حيث المبدأ , والدليل هناك مقاعد برلمانية وحقائب وزارية لعدد متنوع من شرائح المجتمع وهي بمجموعها تمثل قوى سياسية . ألم نحمل نحن العراقيون مسؤولية ما يجري على الحكومة والتي تمثل مختلف القوى السياسية !! إذن لماذا يجعل الآخرون الخندق الطائفي منبرا له ويتصيد للحكومة عبارات وسلوكيات أفراد في وحدات إدارية بسيطة ؟ الم يكن ذلك المصرح هو جزء من الحكومة وصاحب قرار ومنصب , وإذا لم تتوفر تلك السبل له فعليه أن يصارح الشعب ويعلن استقالته . ولكن هؤلاء يدركون إن في فقدان مناصبهم هو فقدان امتيازات بروتوكولية ومالية , لهم ولأسرهم ولطواقمهم الشخصية !! إذن لماذا يراهن الكثير منهم على فشل خطة إنقاذ بغداد , وان كان أداء الحكومة ضعيف, ابدوا برأيكم ومشورتكم , فلماذا هذا الضجيج المفتعل على تصرفات الحكومة التي هي صاحبة المسؤولية عندما تتخذ خطوات تخدم بها مصلحة الشعب والمجتمع , وما على الحكومة صاحبة السلطة إلا أن تتبع خطوات عملية وأمنية تحقن بها أرواح الناجين من الناس وتؤمن لهم الحد الأدنى من الأمن والعيش بحرية وكرامة دون المساس بأرواحهم وكرامتهم وشرفهم . وان خطة إنقاذ بغداد جاءت نتيجة ما يجري على الساحة السياسية العراقية من تصفية حسابات داخلية وخارجية , والذي تخونه ذاكرته قبل أعوام قليلة عليه مراجعة مؤسسة الذاكرة العراقية (http://www.iraqmemory.org), ليستشف منها ممارسات النظام التسلطي المقبور , وهل هذه الحكومة قاصرة في رموزها , إن اغلب أعضاء الحكومة يحملون شهادات الدكتوراه وهم على صنفين إسلاميين وليبراليين وتحت سقف البرلمان يجلس خبراء الاقتصاد والاجتماع والعلوم السياسية والقانون والشريعة , وهل تحتاج الحكومة إلى هيبة أكثر مما تملك من عقول وأسماء ؟ , أم إن هيبة الحكومة لا تأتي بالسطوة والبطش , ولماذا هذا اللغط والتشكيك والتهويل والتخوين ؟, بنوايا الحكومة , الم تكن حكومة توافق وطنية , وهل يوجد عضو برلمان يفسق الدولة في زمن النظام المقبور إن وجد برلمان يمثل الشعب !! ويشكك بخطواتها ومسيرتها عبر وسائل الأعلام المغرضة ؟ دون أن يطال من قبل السلطة الحاكمة ونحن نتذكر رفاق حزب البعث عام 1979 التي عانقت رقابهم المشانق دون رحمة وبدون ذنب .
أنا لا أريد أن ابتعد عن صلب المقال وفحواه ولكن الشئ بالشئ يذكر. إن خطة امن بغداد إن فشلت لا سامح الله كما يتمنون لها المغرضون !! وتبعا لتصريحات حذر فيها القائد العسكري الأمريكي الجديد في العراق الجنرال" ديفيد بترايوس" من أن الفشل في تحقيق الاستقرار في العراق سيحكم على البلاد بالاستمرار في الصراع المدني حيث قال إن الخطة الجديدة جاءت لكبح العنف الطائفي في بغداد . وان هذا التحذير من قبل القائد العسكري الأمريكي جاءت نتيجة لدراسات واقعية للمشهد العراقي . وان الفشل لا سامح الله سيعود بالضرر على الشعب العراقي وهو وحده الذي يدفع ضريبة المتنازعون والمتصارعون . وان القوى السياسية لا تخسر كثيرا سوى مقاعدها وامتيازاتها , ولكن يبقى الصراع قائم طالما إن المتصارعون لا يعتمدون الحلول المنطقية , و يبقى المواطن العراقي الذي يأمل برجالاته خيرا , هو وحده من يسدد فاتورة الصراع من دمه واستقراره وقوته ومستقبله . وان هذا الصراع لا يعود بالعملية السياسية نفعا إلا الخسارة والفشل لكل القوى السياسية المشاركة .
https://telegram.me/buratha