لم يعد بالإمكان الصمت عما يجري هيهنا..وليست الأمور مناطة ببعض الساسة من عديمي الضمير والمسؤولية، ممن اعتادوا على تصوير الأمور بعدسة اللامبالاة وقلة الاكتراث...فلقد طحنا بين فكي الجوع السياسي للفئتين المتصارعتين على من منهم يمتطي صهوة ظهورنا أولاً، وأصبح من الصعب التحدث عن مبادئ سياسية أو قيم نبيلة سامية، في ظل هذا التوتر غير المسبوق وغير المتوقع ممن يفترض بهم أن يضعوا الوطن كأولوية في عملهم لا قبلها قبل ولا بعدها بعد ، والأخطاء المرتكبة في حق الوطن وأبناء الوطن هي أخطاء لا يمكن أن تغفرها الأيام أبداً، وهذا الإصرار على قطع حبل الوطنية بسيف التعصب للفئة والذات يزيد من حمية الطرفين، ويقودهما إلى ارتكاب مزيد من الحماقات غير المبررة، والناس بأغلبيتهم الصامتة والمجتهدة في حمل أعبائها، تكاد تخور قواهم وهم يقومون على أقدام الخوف والحذر، وبين الأحداث تقف أمهات ثكلن وزوجات ترملن وأطفال تيتموا، ولن تتوقف ألسنتهم عن الدعاء من صاحب العظمة والجبروت، في الاقتصاص ممن كان سبباً في قطف زهرات أعمار الأحبة ـ الأبن والأخ والزوج والأب ـ قتلا بصرف حقوق الموت العشوائي، لتساوى أشلاءهم بالرصيف، أو لربما لا يعلم المتناحرين حول النار أن من المستحيل أن يصبح الشرر حبات برد، أو أن يعود الدخان المتصاعد النتن شلالات باردة، فالأعيرة النارية لا تعود إلى فوهات البنادق، مثلها مثل الكلمات التي تغادر أفواههم الخالية من الحشمة.. لا شيء يعود كما كان..والمغدورين والضحايا والشهداء لن تغادر أرواحهم نطاق الأرض، حتى يكتب القدر لقاتليهم أو للمتسببين بقتلهم ذات الخاتمة، فالقاتل مقتول ولو بعد حين. ولم يعد في الأمر ما يستحق هذه الدموية، إذ أصبحت كل الحقائق مكشوفة، والسياسة أثبتت رعونتها وطيشها حين منحت السلاح للعميان، ودفعت السفهاء لإلقاء الخطب والتصريحات الفجة، وتمتمت للصم بتعويذة الغناء، فما رأى أحد وما سمع، ولربما بل بالتأكيد أن على الساسة الذين حولوا السياسة الى آلة موت طاحنة، أن يعوا بأن ظمأ الشعوب للحرية لا يروى بالدم، وأن جوعهم للتعبير عن المواطنة لا تشبعه الأشلاء الممزقة، وأن الوطن بحاجة إلى عقول وبصائر وأفكار نيرة، تبني ولا تهدم، تجمع ولا تفرق، تصلح ولا تزرع الخراب.
كلام قبل السلام: من السهل التبجح بالمبادئ عندما نكون متخمين.!!...
سلام...
4/5/610
https://telegram.me/buratha