( بقلم : رشيد عبد النور )
يذكر متوسطو الاعمار من سكنة منطقة الجعيفر، شارع حيفا حاليا ، "النذر " او العهد الذي قطعته "السيدة" زوجة " حسن بقجة" على نفسها ، مطلع الستينات من القرن الماضي ، اذا ما تحققت الوحدة العربية ، حلمها و حلم القوميين "الشرفاء" آنذاك ، بالتصريح في اكثر من مكان ، وعلى رؤوس الاشهاد " اقسم لو تحققت الوحدة العربية ، لاضاجعن كل رجال المنطقة "!.. وكانت هي الوحيدة التي تجرأت- بدفع وتحريض من مناضلين بعثيين- ورمت موكب الزعيم عبد الكريم قاسم ، ابن الشعب العراقي البار ، بقشور الرقي ، ويقال ان الزعيم اوقف الموكب ونزل مصفقا لها فارتج عليها وارتبكت ، ثم اجهشت بالبكاء والاعتذار الذي اعقبته بالهلاهل والهتاف للزعيم، ويروى انها اقلعت ،مذّاك ، عن مهاتراتها ودعاواها ونذورها البالغة التطرف ! ، ويذكر ، ليس اهل الجعيفر فحسب ، بل والكثير من العراقيين ، التعليقات المسعورة للمذيع المصري " احمد سعيد" ، المعلق الشهير، لاذاعة صوت العرب من القاهرة ، حينما اوصل اليه بعض العراقيين ممن اقض مضاجعهم بتعليقاته السمجة التي لم تكن تستند الى وقائع حقيقية او مضامين صادقة خبر اعتقال المناضلة القومية " حسنة ملص " والشخصية العروبية " عباس بيزه" ، ولمن لا يعرفهما او يسمع عنهما ، فقد كانت حسنه ملص عاهرة مبتذله وعباس بيزه مابونا وقوادا ، فلم يتريث احمد سعيد ولم يستبين ، وانطلق صوته ملعلعا في صوت العرب ، بفاجعة اعتقال سلطات قاسم " الدكتاتورية"للمناضلة القومية الشريفة " حسنه ملص " والمناضل العروبي العنيد " عباس بيزه " وظل " احمد سعيد " يجأر طوال ايام من ابواق صوت العرب " كلنا حسنه ملص .... كلنا عباس بيزه ... من المحيط الى الخليج " !
تذكرت هذه الوقائع وانا انظر الى " التايتلات " ورسائل المشاهدين الالكترونية ، على بعض القنوات العراقية والعربية المناوئة ، " كلنا صابرين... لن يمر الاعتداء على شرف صابرين ...الخ "لكن تداعي هذه الوقائع الى ذهني لم ينبع فقط عن تشابه الدعاوى والمضامين في هذه القضية وتلك ، وانما في عهر وانحطاط الفئات والقوى " السياسية " ، المعنية ،وعدم تورعها عن استخدام اية وسيلة لتحقيق غاياتها وكون الكذب والتزييف والتدليس وانعدام الشرف والضمير ، اسلوبا ووسيلة متوارثة ، لديها ، كابرا عن كابر، وامتدادا للدور نفسه والاجندة نفسها ، وان بدعاوى مختلفة شكلا ، لدس انف قوى الظلام العربية في الشان العراقي ! لكن الامر في مسالة حسنه ملص وعباس بيزة كان مختلفا ، فقد جعلت التفاته ذكية من قبل بعض العراقيين من اعلام احمد سعيد اضحوكة ومرغت انفه بالتراب ، ولم يتطلب الامر مزيدا ، اما اليوم ، فالامر مختلف ، وتستدعي هجمة اعلامية شرسة وجهد كيدي منظم ، يستهدف الشعب العراقي ووحدته ، وتسيل لدعاواه الدماء الغزيرة ، ان يواجه بجهد اعلامي منظم هو الاخر ، وقابلية على الفضح والهجوم المقابل ، يستهدف كشف هذه المؤامرات الاجرامية الوضيعة وتفنيد تلك الاكاذيب الدنيئة ورفع غشاوة الالتباس والتمويه لا عن اعين العرب والعالم فقط ، الذين قد يتصور البعض انهم الضحايا الوحيدون لهذا التضليل بل واعين الكثير من العراقيين الذين التبس عليهم الامر حقا ! اسال أي عراقي من الموصل او تكريت او الانبار او العامرية او الغزالية ، وستجد اجابات تستند الى وعي مشوش، مدجج بالاكاذيب وقلب الحقائق تفننت في تاسيسه وصياغته الجزيرة وبغداد والشرقية والزوراء وبانت عليه بصمات الدليمي والهاشمي والسامرائي ، وعي مغلق " قافل " على " ... استهداف السنه وتعذيبهم بالدريل واغتصاب نسائهم .. صولاغ.... ملجأ الجادرية .. اغتصاب المساجد ... ميليشيات .....الخ " وان هذه المفردات تكاد تنجح فعلا في ان تشكل اساس وعي وتعامل الكثيرين من ابناء السنه مع الوقائع اليومية ، حتى تحول الاخر العراقي في ذهنهم الى شيطان مريد وعدو كاسر ، وحفرت في قلوبهم ومشاعرهم خنادق للفرقة والكراهية !، ولا لوم ولا تثريب على المواطن الضحية نفسه ، ولكن اللوم ، كل اللوم يقع على الاخرين ، اولئك الذين يتصورون ، بسذاجة ما بعدها سذاجة ، ان الحق بيّن لايحتاج الى توضيح وان الحقيقة مشرقة لايحجبها غربال ، وهذه اقوال ومفاهيم تنتمي الى عالم السذاجة والطفولة ، ولو كانت الامور كذلك فعلا ، لما احتاج الانبياء والصالحين الى بذل جهد او التصميم على نشر فكرة او مبدأ او القتال في سبيلهما وجمع العدد والعدة لذلك!
ان الحق يحتاج ، اكثر من أي شيء آخر ، الى الجهد المنظم والدؤوب للرد على تخرصات الباطل واكاذيب ودعاوى الشياطين وتفنيدها وتبصير الناس ، كل الناس ، بطبيعة مآ رب الاشرار واغراضهم .قبل ذلك ، روجت هذه الفئات نفسها ، لاكاذيب وحكايات مهولة ، وصلت الى حد ان محمد الدايني، مثلا ، يبرز صور من قتلتهم، على الهوية ، عصاباته وبامر منه ، في احدى قرى ديالى على انهم قتلاه وابناء عمومته وان من قتلهم هم قوات الحرس الوطني والميليشيات ! بل ويستخدم صورة لزيارة الرئيس الايراني السابق خاتمي ، الى متحف الشمع وهو مع شخصيات كثيرة تحيط به ، يتامل في تمثال لجسد شاب مورس عليه التعذيب ايام الشاه ، ليقول انها صورة لصلب احد المجاهدين من ابناء السنه ، في جامع براثا .... وسواءا تعلق الامر بالدايني واكاذيبه ... او الدليمي وادعاءاته او الهاشمي و تحريضاته واستعانتهم جميعا ، "بالمحتل الامريكي " والاستقواء به ضد الشقيق العراقي ، فان ما ميزهم حتى الان هو حماسهم وتفانيهم في باطلهم ، ولهو الاخرين عن حقهم وتفريطهم به، قدراتهم الاعلامية وتفننهم في ابراز مظالم مدعاة ، وضعف قدرات الاخرين البالغ وهشاشة اعلامهم حتى عن ايصال رسالة يكتبها العراقي كل يوم بدم الضحايا الابرياء ؟ ، حتى جلال الطلباني قال ان معظم من يطالهم القتل الطائفي، منذ اربعة اعوام، هم من الشيعة ، واوضح ان نسبتهم تصل الى اكثر من 77% من مجموع القتلى ، ورغم ان الشيعة استهدفوا بالقتل والتصفية والتهجير منذ اليوم الاول لسقوط الصنم وكانوا هم الضحايا الوحيدين المستهدفين بالمفخخات والاغتيالات والتفجيرات والتهجير ،وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث وتفخيخها وقطع الطريق واحط انواع الاجرام ، فان العرب ، وربما العالم ، يعرف ان السنة هم الضحايا وانهم هم من يتعرض للتهميش والقتل والاغتيال... الخ !
وليس ثمة سر في الامر ، ولا عبقرية ، ولا ينبغي توجيه كل اللوم الى العرب والى العالم وقناة الجزيرة ...الخ واستخدام ذلك كشماعات لتبرير الضعف والامية الاعلامية والتقصير والجهل الفاضح في هذا المجال ، فالناس لا تعرف من امرنا الا ما ينقله الاعلام وتصوغه العقول وتؤكد عليه الصور ، وهو، الاعلام ، والاعلام الذكي والمتمكن بخاصة ، يمكن ان يحول الضحية الى جلاد وبالعكس ويمكن ان يريك الابيض " الصاجل " اسود " حنجوجي" وبالعكس، وقد ادركت جميع الامم والشعوب والاحزاب والقوى اهميته القصوى بل والحاسمة في الصراع ، فعاملته وتعاملت معه على مستوى الاهمية والخطورة التي يعنيها .
في قضية صابرين ، وربما بسبب من عجالتهم وتلهفهم ، قدم تجار الكذب ومهرقي دماء العراقيين ، فرصة عظيمة لان يفضحوا وان تسلط اضواء باهرة على اكاذيبهم وتخرصاتهم واغراضهم الشريرة وسعيهم الشيطاني الى اشعال نار الحرب بين العراقيين خدمة لاغراضهم الدنيئة وتطمينا لتوجيهات سادتهم ورعاتهم ، وكان يمكن التركيز، على المثالب الجمة التي حفلت بها هذه القضية المفبركة وتحويلها الى فضيحة " بجلاجل" ابتداءا من لغة واطمئنان وثقة " الاخت ا لمجاهدة" صابرين وهي تصف ، بهدوء تعجز عنه أي من "الاخوات المجاهدات" في محلة الميدان ، قديما " ... رفع رجليّه .. وسوّه ويايه " الى كل الخلفيات والوقائع السابقة واللاحقة لهذالامر وامتداداته ومن يقف وراءه ، وكونه النموذج الفعلي والعينه الحقيقية لكل ادعاءات ودعاوى تلك الجهات ، واسقاطها نهائيا في اعين الناس ومنع تاثيرها الهدام في وجدان وعقول البعض من العراقيين !!! لكننا كالعادة ، ويللاسف والحزن ، وجدنا انفسنا ، ثانية ، بازاء الكلمات الخجولة والجمل المبتورة والاكتفاء من الامر باشارات حيية كما لو اننا كنا ، نحن من يتعين عليه الخجل ! ويبدو ان الامر كان ومازال وربما سيبقى على ذلك النحو ...
لهم اسم المقاومة والعداء للمحتل وهم الادوات الحقيقية بيد المحتل وسفيره ....لهم وصف الضحايا والمغدورين وهم القتلة والكواسر التي تلعق في دماء العراقيين ....ذلك ان للمجرم لسان مجلجل و فصيح وليس للضحية الاّ التأتأة حتى تتعلم الكلام الواضح , المتمكن و الصريح !
https://telegram.me/buratha