( بقلم : نهار خالد جميل )
محكمة مغربية حكمت يوم الثلاثاء 20/2/2007 باعدام مواطن مغربي اسمه كريم زيماش بعد ان ادانته بذبح دبلوماسي ايطالي وزوجته كان يعمل في الرباط لحساب مفوضية الاتحاد الأوروبي. وقد كان لصدى تلك الجريمة وقعاً مثيراً في أوساط الرأي العام المغربي والدولي وأوساط الاتحاد الأوروبي ومؤسساته حيث كان يعمل الدبلوماسي الإيطالي القتيل.
ولكن قرار الحكم الذي اصدرته المحكمة المغربية بحق القاتل كريم زيماش وضع الاتحاد الأوروبي بموقف محير وصعب للغاية. فقد وجد هذا الاتحاد نفسه بأنه غير قادر على ان يغمض عينيه أمام احد بنود ركائز تأسيسه والتي ترفض احكام الاعدام بحق المدانين وتطالب بالغائها من كافة القوانين الجنائية الدولية.ظهر الاتحاد الأوروبي عاجزاً ايضاً عن تأييد حكم الاعدام الصادر بحق زيماش وطلب تنفيذه!!
وحادثة مقتل الدبلوماسي الإيطالي وقعت يوم 19 سبتمبر الماضي (2006) فبعد بضعة اسابيع من وصوله الى المغرب بصفته رئيساً لمفوضية الاتحاد الأوروبي في الرباط قُتل اليساندرو لويسيانو وزوجته آريانا لاكاتسا طعناً بالسكين في الفيلا التي كانا قد استأجراها في حي الرياض. وقد نشرت الصحف الايطالية حينها تفاصيلاً دقيقة مؤثرةً ومؤلمة حول الجريمة، فالأبناء الأربعة للدبلوماسي الايطالي القتيل وزوجته كانوا داخل المنزل أثناء تلك الجريمة وقد شاهد أكبر أولاد الضحية تلك الجريمة وكان عمره 9 سنوات وتعرف على القاتل بعد اعتقاله.
اما القاتل كريم زيماش فهو شاب مغربي عمره 25 عاماً تم اعتقاله من قبل شرطة الرباط داخل سيارة الدبلوماسي الايطالي التي كان قد سرقها وقد اعترف القاتل بجريمته مبرراً فعلته بأنها جاءت تحت تأثير المخدرات وقد صادقت السلطات المغربية على اعترافاته فوراً لكي تبعد عنها شبح الجريمة التي تمت بدوافع سياسية او ارهابية ذات جذور جهادية.
وجاء حكم المحكمة المغربية مثالياً من نوعه فعلى الرغم من ان حكم الاعدام لا يزال سارياً في القوانين الجنائية المغربية إلا ان مثل هذا الحكم لم تصدره المحاكم المغربية منذ عام 1993. وقد مثل الاتحاد الاوروبي في محاكمة زيماش فريق من المحامين المختصين طالبوا وحصلوا من المحكمة على حق التعويض للمجني عليه اضافة الى تأييدهم لقرار حكم المحكمة بحق القاتل زيماش الذي لم يبدي (أي احترام لحق الحياة).
وقد التزم رئيس المفوضية الأوروبية الصمت المطبق وكذلك فعلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. إلا أن نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانكو فراتيني وهو ايطالي ايضاً ويرأس لجنة العدل في الاتحاد الأوروبي افاد بأن الاتحاد الأوروبي ضد احكام الاعدام بشكل عام (وتمنى) بأن يكون موقفه هذا هو موقف دول الاتحاد قاطبةً، واضاف: وفي حالة تثبيت حكم الاعدام على زيماش (ربما) سنطلب من السلطات المغربية استبدال حكم الاعدام بالسجن المؤبد.
عائلة الدبلوماسي القتيل لم تعلق على قرار الحكم وهي تنتظر الاطلاع على حيثيات الحكم لكي تبدي موقفها منه ولكن والد الدبلوماسي القتيل اوضح بأن حكم الاعدام على قاتل ابنه لن يعيد ابنه الى الحياة. وربما الكثير من القراء يشاركونه هذا الرأي وحتى كاتب هذه السطور لا يحب الموت ولا الاعدامات ويحترم اشد الاحترام حق الحياة.
ولكن الفاجعة تأتينا من الاتحاد الأوروبي ذاته فهذا الاتحاد الذي تبنى برلمانه الأوروبي مبادرة تقضي بالعمل على الغاء كافة احكام الاعدام في القوانين الجنائية الدولية بقي صامتاً وعاجزاً عن البوح بصوته امام قضية اعدام كان فيها طرفاً بينما اقام هذا الاتحاد الدنيا ولم يقعدها بعد عندما حكمت المحكمة الجنائية العليا باعدام الطاغية، ولن ينسى العراقيون سيل التصريحات التي اطلقها قادة وبرلمانيوا هذا الاتحاد ضد اعدام صدام الذي لم يقتل دبلوماسياً وزوجته فحسب بل ان ما فعله ذلك الخرتيت يعجز عن وصفه البشر ولم يسلم من دماره الانسان والحيوان ولا حتى الحجر.نهار خالد جميلرومـا
https://telegram.me/buratha