بقلم: عمار آل عيسى
يوشك العظم ان يُكسر, وكثير مما يُخشى اصبح على مرمى العصى, فما يقترب من الانفجار في العراق اليوم ليس مشكلة سياسية تقليدية, انها ازمة حادة تخاطر بكثير مما بُني بشق الانفس على مدى اربعين سنة . فـ " العراق الجديد " ليس وليد 2003, انما وليد عقد الستينات التي اعقبت إلباس السلطة في العراق البزة العسكرية, فاصبحت مزيجاً من لون واحد, لقومية واحدة, لمذهب واحد, وربما لعشيرة او قرية واحدة, واستمرت دائرة الاستئثار بالسلطة ضيقاً, حتى طرد الاصهار منها. سمة السلطة تلك - التي لا يمتاز بها العراق وحده, وان تنوع اثنياً اكثر من جيرانه – افرزت موقفاً سياسياً متحدياً تمثل بالوقوف الشيعي الكردي بوجه السلطة, ليؤسس لمستقبل عراقي مرتقب, مرغمٌ على احترام التنوع العراقي, فكان عام 2003 هو المخاض الذي انجب الوليد بيد قابلة امريكية ليس الا . ان ما يعيشه العراق اليوم مشابه من جانب لتلك المرحلة, ويقارب – من جانب آخر – الارباك الحكومي ابّان العهد الملكي, الذي تمثل بتشكيل اكثر من 50 حكومة خلال فتره 37 سنة؛ فسحب الثقة اليوم يعني ازمة بلا حدود ولا ثوابت, فرط للتحالفات, وتحالفات جديدة آنية ركيكة ليست من النوع طويل الامد, وهي بمعركتها اليوم اذا ما انتصرت لم تحقق اغلبية مريحة, وذلك يعني مزيداً من الارباك, والواقع الاقليمي في اشد مخاض له على مدى العقود الثلاث الاخيرة, وانهيار سلطة عراقي هو اخر ما يحتاجه العراق في هذه المرحلة .اذا ما اخفقت قوى اربيل فهي تعطي رصيداً مجانياً للمالكي وحكومته التي ستبدو اكثر ثقة بالنفس مما مضى .. مما سيدفعها للامعان بكل ما انتهجته في السنوات السابقة . سياسة معسكر الحكومة ( الاستعدائية وغير الاحتوائية ) هي التي افرزت اجتماع اربيل, واجتماع اربيل يؤسس اليوم لانزلاق سياسي, لا يُنتظر انقاذه الا من ثلاث شخصيات فقط, فقوة ( الاحتواء ) لا يمتلكها في العراق الا هؤلاء.اولها مرجعية النجف الاشرف متمثلة بسماحة السيد السيستاني, الذي تلوذ الحكومة بجمهوره, وبحياديته التي لا تجعله بالمطلق مع خصومها في اقل تقدير, وان كان قد سبق مجتمعي اربيل في انتقاده الحكومة وتأشير اخطائها وغلق الباب بعنف بوجهها, والمرجعية عامل الاحتواء وصمام الامام الاساس في عراق ما بعد البعث, ولكلمتها وقعٌ خاص برغم انها نأت بنفسها عن اي دفاع او تبرير للسلطة. الثاني : هو مام جلال الطالباني رئيس الجمهورية, وقد تخلى نسبياً عن الاستمرار بنفس النهج بغض النظر عن الاسباب, وتجلى ذلك بتقديم استقالته كورقة بيد المفاوض الكردي, ولا اعتقد ان بامكانه المداراة للمالكي اكثر مما فعل, لكنه على الاقل سيكون عاملاً مساعداً مهماً لاي مشروع انقاذ . الثالث : هو السيد عمار الحكيم, وهو طرف النزاع السابق مع الحكومة, الا انه لم يكن من المتحمسين لاجتماع اربيل برغم ما نقل من الالحاح الكردي, وهو اليوم طوق النجاة الذي سارع المالكي للتشبث به بمجرد ان لم يذهب لاربيل, والحكيم في ذات الوقت يمثل مع الاكراد التحالف السياسي الاكثر تماسكاً في السياسة العراقية, وله مع العراقية صلاة ومواقف ايجابية مهمة .العراق اليوم بحق بحاجة لمشروع انقاذ فوري لضيق زمن الفرصة, فإما السيستاني او ومام جلال والحكيم, واما جو بايدن .. او الانزلاق الى هاوية تودي بالتجربة العراقية الى خطر المجهول .
https://telegram.me/buratha