احمد عبد الستار الاسدي
في البدء نهنئ الانسانية جمعاء بولادة فحل الفحول وابن عم الرسول وزوج البتول .. اسد الله الغالب .. علي بن ابي طالب (ع) .. واحدة من اعظم شخصيات الانسانية باتفاق جميع الاديان .
لا اعلم وانا اتكلم عن علي بن ابي طالب ذلك الرجل العظيم كيف يمكن ان لا اذكر محل ولادته في اشرف بقاع الارض .. و كيف يمكن ان اتجاهل ذلك النسب الاشرف وهو نسب رسول الله (ص) وكيف يمكن ان اغظ الطرف عن تربيته وقد تربى بأحظان الحبيب (ص) .. ام كيف اتجاوز ذكر زوجه وبنيه (ع) وهم ال المصطفى (ص) .
ان الحديث عن امير المؤمنين (ع) هو حديث عن سيد الكونين (ص) .. والحديث عن سيد الكونين اوسع واكثر شمولية وابعد افاقا من ان استطيع حصره في سطور .. يضاف الى ذلك محدودة ادراك كاتب السطور لمستوى هذه الشخصيات العظيمة ..رغم صعوبة تجاوز كل الامتيازات اعلاه عن ابا الحسن (ع) .. الا انك من السهل جدا ان تبدأ في صلب الموضوع عندما يتعلق الموضوع بشخص مثل ابا تراب .. اولا لغناه عن اي ديباجة تعريف .. وثانيا مهما ذكرت فانك لن توف حقه .. فهو عليٌ وكفى
الامام علي والمال العام :سنوات اربع واميرنا لم يشتر ملابس جديدة ولكثر ما قد رقع عبائته استحى حتى من الرقاع .. ليس لان ابا الحسن لا يحب ارتداء الملابس الجديدة . بل هي عفت نفسه عن المال العام وترفعها عن الانشغال بالقشور واهمال الاصول والامانة التي وضعها رسول الله بين يديه .. ومن منا لم يسمع بزهده وتقاته وتقديسة للمال العام واعتباره خط احمر .. وما مثال اطفاء ضوء السراج عندما قصده رجل في حاجة خاصة وليست للمسلمين ما هي الا واحدة من مواقفه الانسانية النبيلة
الامام علي وحرية التعبير :لم تشهد الانسانية برمتها فترة ازدهار لحقوق الانسان واحترام لكيانه ورأئيه مثل تلك التي شهدتها ابان حكم امير المؤمنين .. من عدل وقسط واحترام لوجهات النظر .. حتى تلك التي تعلقت بمصير الامة وهددت دعائمها من قبل الناكثين والقاسطين والمارقين .. فلم يلاحق فلولهم . ولم يحرمهم من عطاءات بيت مال المسلمين ... اي دولة عصرية بالله عليكم احترمت تلك الانسانية
الامام علي والاهتمام بالتعليم :دعت الأمم المتحدة في تقريرها السنوي لعام 2002م الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخاص بحقوق الإنسان وتحسين البيئة والمعيشة والتعليم الدول العربية إلى اتخاذ الإمام علي بن أبي طالب مثالاً لتشجيع المعرفة وتأسيس الدولة على مبادئ العدالة. وقد احتوى التقرير المذكور الذي اشتمل على اكثر من مائة وستون صفحة على ست نقاط رئيسية أوصى بها الإمام أمير المؤمنين قبل أكثر من (1000) عام مثلت العدالة والمعرفة وحقوق الإنسان. وقد جاء في التقرير مقتطفات من وصاية الإمام أمير المؤمنين الخاصة برئيس الدولة: (ان من نصب للناس نفسه إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره. وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه. فمعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبه)
الامام علي والضرائب والزراعة :فيما يخص الضرائب واستصلاح الأراضي وضرورة التنمية ومحاربة الفقر نقل تقرير المؤسسة الدولية جانباً من خطب الإمام : (وليكن نظرك في عمارة الأرض ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج لأن ذلك لا يدرك إلاّ بالعمارة ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد وأهلك العباد)
الامام علي واخلاق الحاكم :ركز ابو الحسن على موضوع اخلاقيات الحكام والولاة المنصبين من قبله في امصار الامة الاسلامية وجاء عنه في تقرير الامم المتحدة (المتقون فيها من أهل الفضائل. منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير)
الامام علي ومعاير تعين شخوص الوضائف العامة :كما وجاء في التقرير إرشادات الإمام لرئيس الدولة نموذجاً في الطريقة المثلى حيث ذكر التقرير: (اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تحكمه الخصوم ولا يتمادى في الزلة, ولا يحصر من المضي إلى الحق إذا عرفه. ولا تشرف نفسه على طمع . ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه وأوقفهم في الثبوت وأقلهم تبرماً بمراجعة الخصم وأصبرهم على تكشف الأمور، واحرمهم عند اتضاح الحكم. ممن لا يزدهيه إطراء ولا يستمليه إغراء وأولئك قليل)
الامام علي واحترام الاديان :مر الامام (ع) في احد معاركة على كنيسة . وراح يمعن النظر فيها فقال له احد جنود الجيش : لطالما عصي الله هنا . فرد علية (ع) : ويحك لطالما عُبِدَ الله هنا . هذا الموقف هو رسالة الى الانسانية جمعاء بان لكل دين وسيلته للتقرب للخالق (عز وجل) وان كل الاديان هي محترمة ومقدرة لطالما هدفها الخالق
الامام علي واستقلالية القضاءسقط من الامام (ع) درعه في معركة صفين . وفيما كان يمشي بسوق الكوفة مر امام يهودي يعرض درعه (ع) للبيع . فقال لليهودي ان هذه درعي . فرد اليهودي بل هي درعي وامامك القضاء . فذهب الامام واليهودي الى شريح القاضي ولما دخلا علية .. رحب القاضي بامير المؤمنين فاستنكر علية سلام الله عليه ذلك كون ذلك قد يلقي في صدر الخصم الخوف . فطلب القاضي البينة . فقال الامام ان درعي علامتها كذا وكذا . فقال القاصي يا ابا الحسن اعلم انك لصادق ولكنا حكمنا لليهودي بالدرع لنقص البينة ومن خلال هذا الموقف الرائع ادرك اليهودي احقيه هذا الدين وقال والله ان الذي تحكمون اليه لهو الحق الناموس الذي انزل على موسى (ع)هنا اود ان اوضح ان الامام اراد تثبيت موقف ولا يهدف الى انتزاع حكم الدرع . فان من ملك كل ذلك الملك العظيم ليس بحاجة الى درع . كما وان القائل (سلوني قبل ان تفقدوني) من غير المعقول ان يكون جاهلا بامور القضاء وهو القائل بحقه الخليفة الثاني (لولا علي لهلك عمر) وغير عارف بان الدرع سيحكم به لليهودي . موقف المحكمة اعلاه انبل واروع من ان يتصور في العلاقة بين الحاكم والمحكوم من جهة واستقلالية القضاء عن اهواء ومأرب الحكام من جهة اخرى .
الامام علي وعلاقة السياسة والدينالامام سلام الله عليه اعطى مثالا رائعا عن علاقة الدين والسياسة . فلم يجعل من الدين غطاء لممارسة السياسة واطماعها . بل حكم السياسة من خلال الدين . بكل ما يحمله الدين من نبل واخلاق ومصداقية وعدل واحترام لكرامة الانسان وحقوقه . فلم يقبل بانصاف الحلول ولم يدخل في مساومات سياسية على حساب عقيدته ودينه وهذا ما يفسر اصطدامه سلام الله عليه بالمنافقين الذين طوعوا الدين لخدمة اطماعهم السياسية .
تلك باختصار اضاءات على بعض مواقف امامنا عليه السلام في فتره حكمه التي استمرت لخمس سنوات وبذلك يمكننا الجزم بان حكومة علي (ع) كانت حكومة ناجحة بكل مقاييس الدولة العصرية الناجحة . على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية واليوم وبعد مضي ما يزيد عن 1400 عام . لازالت الانسانية تبحث عن تلك الدولة . دولة تعز بها الانسان وتجعله القيمة العليا .
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى ابائه) في هذه الساعة وكل ساعة وليا وحافظا و قائدا وناصرا ودليلا وعينا ، حتى تسكنه ارضك طوعا . وتمتعه فيها طويلا .
https://telegram.me/buratha