( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
جميع الاشكالات، سياسية كانت ام غير سياسية انما تستند الى اسباب اساسية واخرى ثانوية، وتتفاوت خطورة النتائج المترتبة على تلك الاشكالات بتفاوت واختلاف طبيعة الحدث والمرحلة والتوقيت والطرح، وهذه المسببات جميعها تنطبق على الحالة العراقية وتؤثر فيها سلباً اكثر مما يعتقد البعض. ومنذ سقوط النظام المخلوع وحتى الآن تحول العراق بوضعه الحالي الى منصة مفتوحة يصول فيها ويجول القاصي والداني، حتى بات الامر وكأن العراق برمته لا يعدو كونه قاعة للمؤتمرات الصحفية التي تعقد مرة امام ابواب كل مسؤول سياسي او رسمي او اداري، ومرة امام بوابات من نوع آخر عادة ما يطلق عليها بالدولية او الاقليمية.
وهكذا صار العراقي لا يدري من هي مرجعيته الساسية او الرسمية طالما يجد نفسه متشظياً بين مايكات لوكسمبرغ وبروكسل وواشنطن ونيويورك والقاهرة ودمشق وعمان والرياض والجامعة العربية واسطنبول وجدة ومكة وفي كل بقعة وعند كل جماعة دون ان يدرك هذا الذي يدعي المسؤولية والتصدي ان كل حرف او كلمة او جملة ينطقها من وراء منصة مؤتمر انما يكون صداها عندنا في الشارع العراقي اما عبوة ناسفة او مفخخة لا تفرق بين المستنصرية وساحة الحمزة وبين الداخلية ووزارة الدفاع.
ولا يدري هذا الذي ترتعد فرائصه وتأخذه (الحمية) وهو يتحدث امام مؤتمر او اجتماع او ندوة في هذا القطر او ذاك ان كل الذي يقوله يتحول الى ثقافة وتاريخ وتدوين وبالتالي الى ممارسة وسلوك تصوغه مرة ثقافة الزعيق واخرى الزبد الذي يتطاير من فمه باتجاه الجالسين والمشاهدين وخصوصاً الذين يستمتعون لهكذا نوع او نمط من ذلك الزعيق.
بكل تأكيد يفترض ان تكون اهم ملامح العهد العراقي الجديد هي الديمقراطية وحرية التعبير وطرح الرأي والرأي الآخر، لكن ما بين الديمقراطية والتعبير والرأي من جهة والهراء الاحمق الاجوف من جهة اخرى، فرق كير لا توجد وحدة لقياسه سوى ايقاف الحمقى عند حدودهم واشهار البطاقة الحمراء بوجههم لأنهم بممارساتهم هذه يؤسسون لكارثة وطنية لا احد يتوقع فيها خيراً سواء أكان هذا الأحد ينتمي الى نفس الشريحة التي ينتمي اليها اولئك الحمقى ام غيرها. من هنا نقف باحترام شديد وتقدير بالغ للقرار الذي اصدره مجلس رئاسة الوزراء اول امس والذي حرّم فيه اقامة أي لون من ألوان المؤتمرات الخاصة بالعراق، خارجه، انما من يريد ان يأتمر ويتحدث فعندنا من الاماكن والامكانيات ما يكفي لحديثه ان كان غثاً او سميناً.
https://telegram.me/buratha