( بقلم : باسم العلي )
كان أملنا قبل تطبيق الخطة الأمنية ان تحقق قليلا من الاستقرار في الوطن العراقي وبصورة خاصة في بغدادنا الحبيبة ولم يكن في تصورنا بان نجاحاتها كانت ممكن ان تسير بالخطوات المتسارعة التي نشاهدها في الأيام القليلة الماضية من عمرها.لقد أثبت الأيام ان حكومة الوحدة الوطنية تتمتع بثلاثة أشياء مهمة للغاية:الأولى انها حاصلة على التفويض الشعبي والبرلماني ولذلك انها تسير بخطوات مدروسة ومرسومة أعدٌت من العراقيين أنفسهم.الثانية انها مصممة على النجاح ولا سبيل اخر غير النجاح.الثالثة انها مصرة على ان تتصدى إلى كل من تسول له نفسه للمساس بأمن المواطنين والخروج على القانون ولا يوجد له مكان آمن في أية منطقة أو مع أي حزب أو منظمة أو طائفة أو عرق.لقد أثبتت الحكومة الوطنية مصداقية عالية جدا في هذا المجال وان ارتياح الموطنين من هذه الإجراءات الأمنية دليل على ذلك رغم ان الموطنين يتعرضون إلي التأخير في تحركاتهم من منطقة إلى أخرى بسبب وجود السيطرات المتعددة ولكن تلك اقل تضحية يمكن للمواطن ان يقدمها لدعم الخطة التي وضعت من اجل حمايته وسلامته, ولم يقتصر النجاح على التأييد الشعبي فقط ولكن تعداه إلى انضباط قواتنا الأمنية بالشروط التي وضعتها قياداتها لها من اجل ان تسير العملية العسكرية بطريقة سلسة وبدون التجاوز على حقوق المواطنين.ان النجاحات الأولية للخطة الأمنية يجب ان لا تصرف نظرنا عن التحديات الأخرى التي سوف تجابهنا لان اندحار الإرهاب والأجرام يُسعد المواطن ولكن يُغضب أعداء العراق . ولذلك يجب ان لا نتوقع حدوث معجزة في ان يقضى على الإرهاب بالكامل وفي غضون أيام وأسابيع أو اشهر. ان النسبة التي أعلنها الناطق الرسمي بان العمليات الإرهابية قد انخفضت بنسبة (80%) هي انتصار بحد ذاته وأية زيادة في هذه النسبة سوف يكون مردودها جيدا على الوطن. ويجب ان نفهم ان الإرهاب له اذرع عدة, ان واحدة من هذه الأذرع هي العصابات الإجرامية التي استغلت الوضع الشاذ من اجل القيام بأعمالها الإجرامية ولقد توفر لها مناخا ملائما لكي تنشط وتعمل بحرية. ان أعضاء هذه العصابات هم مجرمون لا يملكون حسا وطنيا أو وازعا من ضمير أو إنسانية وكل ذلك من اجل تحقيق مكاسبهم الشخصية فهم يعتبرونها مهنة لهم ولن يتوقفوا عنها مهما تغيرت الظروف, وعندما تتحسن الظروف الأمنية في البلد فلن يكون لهم مكان آمن ومناطق محصنة تحميهم وتستتر عليهم كما هو عليه الآن ولذلك فالسيطرة عليهم وتحديد نشاطاتهم ستكون سهلة ميسورة. أما الذراع الآخر فهم الصداميون والتكفيريون الذين حاولوا ان يخلقوا هوة بين أفراد الشعب العراقي بان يضعوا حدودا وحواجز وهمية بين أفراد الشعب الواحد فهم يملكون مناصرين ومتعاطفين بين أفراد الشعب العراقي فلذلك كانوا قد سيطروا على مناطق متعددة من بغداد وبعض المحافظات وهم بحماية وصون الناس الذين ساعدوهم أما خوفا أو جهلا أو انغروا بشعاراتهم. ان الخطة الأمنية أسست ثقة متبادلة بين الحكومة و أبناء الشعب (من غير الطائفيين أو الصداميين أو التكفيريين) الذين أدركوا بأهمية التخلي عن الإرهابيين وبكل إشكالهم فالتعاون الملحوظ من المواطنين مع القوى الأمنية دليل على ذلك, لأن الشعب العراقي أدرك بان لا خلاص له إلا بان تكون الدولة محترمة ويسود فيها القانون وان لا سلاح إلا بيد القوات الأمنية الحكومية فقط. ان مثل هؤلاء الإرهابيين سوف يتقلص عددهم بدرجات متسارعة كلما حققت الخطة الأمنية نجاحات مستمرة في محاربتهم وبعد ان تتفتت قواهم ويهرب زعماءهم. لكن هذا لا يعني بأنهم سوف ينتهون بالكلية ونتوقع ان تكون عمليات إرهابية هنا وهناك بين فترة وأخرى. ان العمليات الإرهابية في العالم تحدث حتى في الدول المتقدمة والتي تعتبر مستقرة وذات نظام وسيطرة وفيها حكومات وقوى أمنية قوية جدا مثال ذلك إنكلترا, أمريكا , أسبانيا ومن الدول العربية السعودية ومصر. وإذا أخذنا تلك الدول مقياسا فلا نتوقع ان يكون العراق بأفضل حال منها وهو في بدايات تكوينه كدولة جديدة ذو قانون.أنا لا أريد ان أكون متشائما أو مهبطا للعزائم ولكني أريد ان أكون واقعيا وأريد ان لا يتوقع المواطنين معجزة إلهية تنهي الإرهاب كليا بين ليلة وضحاها ولكني أريد ان يقدر وينتبه المواطن إلى أن الوضع الأمني سوف يتحسن بدرجة كبيرة جدا ولكن لن ينعدم الإرهاب لأننا في الوضع الحالي للعراقي والدول المجاورة إذا طالبنا بانعدامه سوف نكون غير واقعيين. وربما يسال سال ولماذا تتكلم عن هذا الموضوع الآن؟ و أقول:ان الأطراف التي تؤثر أو تتأثر بالوضع العام في العراق متعددة واسطرها بآلاتي:أولا حكومة الوحدة الوطنية والشعب العراقي بكل أطيافه وقومياته والذي هو الخاسر و المبتلى الأكبر في حال فشل الحكومة في فرض سيطرتها على البلد.ثانيا الإرهابيون والمجرمون بكل إشكالهم ومذاهبهم وقومياتهم ومبادئهم وهم من صنفين: الأول القياديين وهم المستفيدين الأكبر والمضحين الأقل لانهم و عوائلهم يعيشون خارج العراق متنعمين بكل ما هو طيب ولا يتأثرون بنتائج أعمالهم, فان استولوا على السلطة فان العراق كله ملكا خالصا لهم وان خسروا فهم نعموا وينعمون وسوف ينعمون بكل الأموال الطائلة التي جمعوها بحجة مكافحة الاحتلال. أما الصنف الثاني فهم الذين في مواقع القتال داخل العراق يأخذون القليل وبعضهم يُقتل أو يُعتقل فان ربحوا لا يصيبهم الكثير من الخير وان خسروا فلهم خزي الحياة الدنيا والآخرة.ثالثا دول الجوار الذين لا يهمهم العراق والعراقيين ولكل دولة اجندتها الخاصة وطموحاتها و أعدائها, والعراق في وضعه الحالي هو خير مكان لتصفية الحسابات.رابعا ازلام ومجرمي العهد المباد والمنتفعين من سياسات وعطاء الطاغية والذين يدافعون بالكلمة الباطلة والدعايات المغرضة والملفقة لإشعال لهيب الشعور الديني والطائفي والقومي عند البسطاء من الشعوب العربية والإسلامية لكي يجمعوا اكبر قدر من الأموال وحتى المتطوعين من اجل قتل العراقيين معتبرين ذلك حقا شرعيا, كل ذلك باسم الإسلام والحريات وحقوق الإنسان, تلك هي مصطلحات سوف ينكروها ولا يعرفوها او يتقربوا منها لو انقلبت الأمور وتسلموا السلطة. خامسا قوات التحالف انها غريبة عن العراق ولا يهمها سوى حماية منتسبيها وتحقيق مصالح بلادها و إذا جاء للعراقيين خيرا منها فلا باس.سوف تأخذ هذه الأعداد من المصالح والأهداف مسارات مختلفة فمثلا ان من مصلحة الشعب والحكومة ان ينتهي الإرهاب بكل أشكاله وتعود اللحمة العراقية ويستقر البلد ويتقدم بخطوات متسارعة لان العالم قد سبقنا بعشرات ان لم اقل مئات السنين بسبب الحكم الإرهابي المتخلف والظالم لصدام وأعوانه. ان الإرهابيين المجرمين يريدون استمرار الوضع وتصعيده وبالتالي السيطرة على مقدرات البلد. ان دول الجوار لها اجندتها الخاصة كل حسب مصلحته و أرادتهان المأجورين من أنصار العهد المباد سوف يشككون في كل خطوة تخطوها الدولة.ان الإنسان له قدرة خارقة في تغير المسارات لأنه لا توجد حقيقة مطلقة ( كما يقول علي الوردي) فربما ما أراه خيرا تراه شرا وما أراه صحيحا تراه خطأ وكل منا يمكن ان يجلب الأدلة على صحة قوله. فالمنتفعين من الفوضى في العراق ,وعلى كل إشكالهم, سوف يبحثون عن كل هفوة وكل عمل من اجل ان يظهروا الحكومة بانها طائفية وان قواها الأمنية فاسدة وهي غير قادرة على تحقيق أهدافها. فإذا ظهر هناك خطأ سواء متعمد أو غير متعمد من القوى الأمنية مجتمعة أو منفردة فسوف يستغل ذلك أصحاب الأبواق المغرضة وسوف ينبرون ليدمروا كل الإنجازات وليبرهنوا بانها أما غير موجودة أو غير ذات أهمية. ان بوادر مثل هذه الحملات بدأت بالظهور وبصورة خاصة بعد ان أثبتت الخطة الأمنية نجاحاتها والتي هي فوق المتوقع, فترى ان بعض وسائل الأعلام العراقية والغير عراقية بدلا من ان تعمل بأسلوب المصالحة والدعم لهذه الخطة تنقل أخبارا مرتشة غرضها إسقاط اي نجاح. كما ان هنالك سياسيين يصرحون بان الخطة ناجحة ولكنها غير كاملة فلذلك سوف لن تحقق النتيجة المطلوبة وسوف يستمر الإرهاب والعنف الطائفي وكأنهم يريدون لها الفشل لكي يثبتوا للناس انه لا خلاص إلا على أيديهم.ان الإرهاب بكل أشكاله يسبب في قتل المئات من العراقيين في اليوم الواحد عدا المئات من الجرحى فإذا انخفضت هذه الأعداد إلى واحد في اليوم بين قتيل أو جريح فانه يعتبر انتصارا كبيرا... طبعا ان طموحاتنا ان يكون العدد صفرا.. لان معاناة أي فرد من أفراد الشعب العراقي هي معاناة كل العراقيين ولكني أريد ان اقول هنا بأنه لا يوجد هناك في الكون كله منفعة مائة بالمائة ولا مضرة مائة بالمائة ولكنا نقول عندما تكون نسبة المنفعة فوق الخمسين فنعتبرها نافعة وعندما تكون المضرة فوق الخمسين نقول انه مضرة. انك عندما تذهب إلى الطبيب ويعطيك دواء ما.. فيقول لك ان هذا الدواء سوف يشفيك ولكن فيه مضاعفات سوف تنجلي بعد شفائك وانقطاعك عن ذلك الدواء.. وتقبل بذلك. يجب ان نتعلم ان محاربة الإرهاب يمكن ان تسبب بعض المضاعفات والتي سوف تنتهي بمجرد القضاء عليه.خلاصة القول ان الخطة الأمنية أثبتت نجاحها وان القوى الأمنية أثبتت عراقيتها وقدرتها على تحقيق الأمن للمواطن العراقي وبهذه الفترة الوجيزة جدا مقارنة مع قوات التحالف التي كان بيدها الملف الأمني والتي بدلا من ان تسيطر على الإرهاب تسببت بتصاعده, كما اننا يجب ان نكون واقعين على ان الإرهاب والأجرام سوف لن يتوقف كليا ولكن أملنا ان يتناقص بدرجة كبيرة جدا إلى حدود ان يكون خبرا يتناقله الناس وليس ملموسا, وان أعداء العراق والعراقيين والمنتفعين من حالة الفوضى سوف يطبلون ويزمرون ويستغلون كل الفرص من اجل ان يثبطوا عزيمة ومساندة الشعب للخطة. فالوعي الوعي الوعي والحذر الحذر الحذر
باسم العلي
https://telegram.me/buratha