عون الربيعي
ما لم يفهمه أقطاب النزاع والخصام من النخبة السياسيّة في العراق ــ والتي من أبرز سماتها وخصائصها الخصام والنزاع وتبادل الاتهامات ــ،مالا يفهمه هؤلاء هو أنّهم العامل الرئيسي للأزمة السياسية في البلاد والتي انعكست سلباً على المواطن العراقي، فجميعهم حسب وصفهم المتبادل دكتاتور فبين من حكم كردستان لعقدين ونصف العقد وهذه تهمة أنصار دّولة القانون لمسعود البارزاني وبين من أمسك بكرسي الوزارة لدورتين ولا يرغب بمغادرته في إشارة لإمكانية فوزه بثالثة بأي ثمن والتي يتكلم عنها الكرد، فيما تهمة علاوي هي خلفياته البعثية وحنين الرفاق في قائمته إلى عهد القائد الضرورة المقبور وكلهم (دكاترة) على حد تعبير احد المواطنين الذي مل من هذه الاتهامات وترديدها من قبلهم على شاشات الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية، والحقيقة أنّ عدم صفاء النوايا وكيل التهم جزافاً وتحويل العمل السياسي إلى عمل تسقيطي إقصائي لا يجعل هؤلاء ممن كانوا ضحايا يختلفون عن النظام ألبعثي المتخلف من حيث الممارسة والتعامل مع الخصم، فالبعث المجرم إقصائي وتهمه جاهزة جهاراً نهاراً للجميع حتّى مع أعضائه فمن رجل ثانٍ بعد صدام يصبح حسين كامل خائناً وعميلاً ثم نادماً ثم قتيلاً بأبشع صورة ثم شهيداً لغضب الرئيس القائد ويبدو أنّ الفرقاء يتصرفون هكذا فالمطلك بعثي مشمول بالاجتثاث ثم يعين نائباً لرئيس الحكومة ثم مغضوباً عليه لوصفه المالكي بالدكتاتور بعد ذلك يعود نائباً لرئيس الحكومة ويصبح الأخ المطلك وهلم جراً وكلّ ذلك يجري بمساندة ودعم الدستور ومن يفسره على هواه بشكل كيفي رغبة في الاستمرار بالحكم ولا ندري كيف تسير الدولة في القادم من الأيام والسنوات إن قبلنا بمثل هذه المهازل وهذه الألاعيب، وأين سنمضي مع هذه التفسيرات لدستور الدّولة العراقية وكلنا يطمح في أنّ تكون الدولة بمؤسساتها دولة عصرية مدنية ناجحة تقوم على الفصل بين السلطات ويرشد فيها العمل الحكومي لمصلحة المواطن، حيث يكافأ المحسن ويحاسب المقصر بغض النظر عن الخلفية الحزبية والطائفية والقومية وغير ذلك من اعتبارات, إنّ نظرة سماحة السيّد عمّار الحكيم وتشديده على ضرورة بناء الدّولة العصرية الناجحة التي تبدأ من الرؤية ثم المشروع ومن ثم خطط تطبيق هذا المشروع بسياسات وآليات واضحة، فالدولة ينبغي أنّ تكون دّولة المؤسسات لا دولة الكانتونات والمجموعات الطائفية والعنصرية فنحنُ نبدأ من حيث انتهى الآخرون دون تجربة ما جربوه ووقعوا فيه من أخطاء لأن هذا ضرب من ضروب العبث، ولماذا تقع بعض الجهات في هذه الأخطاء اليوم هل تعتقد ان بناء وضعها على حساب المجموع أمر مشروع أم انّ تضعيف البلاد يصب في مصلحتها، وحتماً كلّ هذا يؤكد قصر نظر هؤلاء الفرقاء وعدم إحاطتهم الكاملة بالظروف التي تمر بها المنطقة، فالشعب حالة واحدة والطبقة السياسية التي تتصارع يجب ان تلتفت إلى ان خلافاتها لا يجب ان تتعدى حدوده المعقولة وإلاّ فأنه هدم لكلّ المنجزات ومكتسبات الشعب الذي تدعي إنّها تعمل لصالحه، إنّ بلدنا اليوم أمام تحديات جمة والعمل على بنائه يتطلب توحيداً لكلّ الجهود لتحقيق حلم الدّولة المدنية العصرية التي تحترم المواطن ويكون هو القيمة العليا في أولوياتها وهذا ما لم يتحقق حتّى الآن فمتى يتحقق ذلك أيّها الفرقاء.
https://telegram.me/buratha