مرة في تيهان الزمن، خاطبني بحنان لم آلفه من أشتاق لخطابه اليوم ، قال لي : ولدي أبا جعفر ، أوصيك بأن تضع العراق أمامك وليس خلفك..كنا ثلة صغيرة جدا عددنا أقل من أصابع يد واحدة من أهل الإعلام السري، كنا نعمل على توثيق الجهاد ضد الطغيان البعثي، ومن بين ما أنتجناه جريدة البينة هذه التي بين أيديكم، كانت على ورق الرونيو تصدر في كوخ في مكان قصي في الهور..كان ذلك عام 1998... كان الوقت شتاءً حينما أبلغت أنه بأمكاني أن أتشرف بلقائه في المهجر..كانت ملابسي قليلة ولم أكن أمتلك معطفا يقيني البرد..ومع ذلك ذهبت لهذا اللقاء الذي كنت أنتظره طويلا..قبل أن أدخل باب الغرفة المتواضعة أحسست بدفء غريب، دبت حرارة لم أعتدها في اوصالي..لحظتها لم أعرف لماذا وقف أمامي أبي الشهيد السيد جعفر الغرابي وأخوتي الستة الشهداء..كانوا صفا في أنتظاري، قال لي والدي: عيسى أنا رحلت عن الوجود ودلفت إلى أبواب البقاء السرمدي، أنت يا عيسى لك حظ في هذه الحياة ربما يطول ، ربما يقصر..لكن هذا الجالس في ركن الغرفة هو والدك لأن والده كان والدي ووالد كل الذين وضعوا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام نبراسا لهم فيما يفعلون..ولدي فكن له ولدا حقيقيا..لا أعرف كم مضى من الوقت وأنا فاقد الأحساس بالزمان والمكان..لحظة وأفقت من سهمتي..حياكم الله وبارك الله بكم، قالها الرجل الجالس في ركن الغرفة خلف منضدة أرضية وهو ينهض لأستقبالنا..وبدأ النور بعدها ينثال ....بعد سنوات خمس كنت في بغداد..كنا نحاول صناعة الغد تحت رعاية الوالد..يومها أفقت صباحا وأطرافي بها خدر عجيب! كنت أحس أن هذه الجمعة ثقيلة ليست كباقي الجمع....في الواحدة ظهرا تقريبا تجمد الدم في عروقي، فقد أنبأني يومي بنحسه..فقدت أبي للمرة الثانية...ورحل السيد الحكيم...
18/5/525
https://telegram.me/buratha