خضير العواد
الأستقالة من المناصب السياسية قد تعودنا على سماعها من الدول الديمقراطية لفشل السياسي عن أداء واجبه أو المصلحة العليا لشعبه وحزبه تتطلب منه الأستقالة فيستقيل ، ولكن هل يوجد سياسي في العراق يعترف بأنه مقصر أو فشل في أداء مهمته الملقاة عليه والتجارب العملية واليومية بالمئات ومن الصعب تجد وزيراً قد أدى مهامه كما يجب من عام 2003 الى هذا اليوم ، علماً إن المسؤول عندما يستلم منصب جديد يعتقد أن هذا المنصب ملكه ولا يمكن لأحد أن يحاسبه أو يقيله فكيف ستأتي فكرة الأستقالة في ذهنه الذي لم يخزن كلمة إستقالة قط ولم يمتلك المسؤول كلمة بهذا المعنى في قاموسه والمقولة تقول فاقد الشئ لا يعطيه ، ولم نلاحظ أي مسؤول يفكر أو يقدم المصلحة العليا على مصلحته الشخصية فأغلب مسؤولينا يعتقدون بأن المصلحة العليا تتحقق عندما تتحقق مصالحهم الشخصية وليس العكس لهذا نلاحظ أغلب المسؤولين منذ التغير وحتى الأن يناضلون ويكدحون من أجل المكاسب المادية أو المناصب السياسية ، فإذا كانت المصلحة العليا تقدم على المصالح الشخصية والحزبية لم تدخل العملية السياسية في هذا المأزق فالجميع يتنازل عن بعض الإمتيازات ومن ثم نصل الى الحلول الوسطية التي يخرج الجميع من خلالها منتصر وفرح ، فلهذا فإن الاستقالة من أجل المصالح العليا غير موجودة نهائياً لأن المسؤول لا يعنيه هذا الامرمطلقاً ، بالإضافة الى أن فكرة الاستقالة تحتاج الى ثقافة وهذه الثقافة لم يصل إليها مسؤلونا ولم يطّلع على محتواها فليس من السهل أن تفقتد الشئ ومن ثم تقوم على تنفيذه لهذا يحتاج من مسؤولينا الإطلاع على هذه الثقافة التي من خلالها سيصل الى المناصب أو المراكز الحكومية إلا الكفوء التي من خلالها تتم خدمة المواطن وإلا فالإستقالة تنتظره كائنا من كان .أما طرح فكرة أستقالة الطلباني في هذا الوقت له دلالاته ومعانيه وغاياته ، أما حقيقة الاستقالة فهذه من المستحيلات لأن الطلباني مسؤول عراقي وهذه الفكرة لم تطبق قط في الساحة السياسية العراقية للاسباب أعلاه ، ولكن يراد من طرح الفكرة بهذه الطريقة والاسلوب غايات عديدة أهمها إظهار للشعب الكردي خاصة والعراقي عامة بأن قادة الكرد على درجة كبيرة من الوحدة وتطابق الأراء والافكار أمام المشاكل التي تواجه حكومة كردستان مع حكومة المركز بعد أن ظهر الى الإعلام الخلاف الكبير ما بين الطلباني والبرزاني في مختلف القضايا وخصوصاً في مسألة إعلان الدولة الكردية ، بالإضافة الى إظهار قادة الكرد بأنهم يقدمون المصالح القومية على المصالح الشخصية وهذا بعيد كل البعد عن الواقع لأن من أهم الاسباب التي جعلت الطلباني لايرحب بإعلان الدولة الكردية في هذا الوقت هو تخليه عن منصب رئاسة العراق مع عدم وجود البديل الملائم لهذا المنصب في حكومة كردستان المرتقبة ، ولكن من الغايات المهمة لهذا الأعلان هو إستعمال هذه الفكرة كوسيلة ضغط على حكومة المركز من أجل حلحلت القضايا العالقة ما بين الطرفين والحصول على أكبر قدر من المكاسب ، ولكن هذه الفكرة لا يلقى لها أذان صاغية لأن الجميع أولاد قرية واحدة كلمن يعرف أخيّة ، لهذا فإذا أراد السياسيون حلحلت القضايا والوصول لما يرضي الجميع عليهم أن يكونوا صادقين مع أنفسهم أولاً ومع الشعب ثانياً وأن يقدموا المصلحة العليا على المصالح الفئوية والحزبية والشخصية والأبتعاد عن إستخدام وسائل الضغط والتهديد والوعيد فالجميع في العراق وعى على أن هذه الوسائل أصبحت لا تنفع ولكن تضر في حل المشاكل وغير العقل والعدالة لا يمكن للقضايا أن تحل وسيكون الجميع خاسر إلا بعض الساسة المنتفعين الذين يهدفون الى إضعاف العملية السياسية ومن ثم تدميرها وإرجاعنا الى النظام الدكتاتوري الذي لا يرحم كبيراً أو صغيراً .
https://telegram.me/buratha