بقلم قاسم العجرش
هذه حكاية لطالما سمعتها من جار لنا طعن في السن الآن، لكنه مازال يرويها كلما جاء ذكر المحتالين... يقول جارنا: انه كان له جار في منطقة الفضل وقد خرج صباحا من داره متوجها إلى عمله، وفي الباب نادت "الحجية" زوجته عليه وقالت بأن ليس لديهم دهن في البيت... فقال لها عندما أصل للمحل أرسل لك "الصانع" لتعطيه (الجدرية) النحاسية الكبيرة، ليرسلها إلى بائع الدهن في الشورجة فيجهزه "بحقة" دهن..
وفعلا وبعد نصف ساعة طرق باب الدار شخص وسلم على "الحجية" وقال لها..أرسلني "الحجي" على الجدرية لأجلب لكم الدهن...فقامت "الحجية" وسلمته الجدرية التي كانت من النحاس الصفر الخالص النادر... فانصرف الرجل بها إلى دكان بائع الدهن...وقال له: أرسلني "عمي" الحجي وطلب أن تملي هذه الجدرية بحقتين من الدهن الحر ومن النوع الجيد...ونفذ طلبه على الفور وملأ الجدرية...وبعد مرور ما يزيد على النصف ساعة من تلك الزيارة جاء الصانع الأصلي الى الحجية وطلب منها الجدرية لملئها بالدهن حسب توصية عمه...فكانت مفاجأة بالنسبة للحجية...فقالت للصانع...(ليش أنت ما أخذت الجدرية قبل شوية؟)...جاء الصانع وابلغ الحجي فقصد صاحب دكان الدهن الذي قال له إن شخصا جاء بالجدرية نفسها والتي يعرفها بأنها تعود لكم، وملأها بـ (حقتين) من الدهن الحر من النوع الجيد)...فدفع الحجي ثمن الدهن وراحت الجدرية!
الطرافة ليست فيما وقع آنفا... ولكنه فيما حصل بعد حوالي ثلاثة أسابيع، إذ طرق شخص باب دار الحاج... وحين أجابته الحجية من خلف الباب كما هي العادة ( منو...شتريد) فقال لها: خالة حجية..الحرامي الذي سرق الجدرية والدهن قبضت عليه الشرطة وهو الآن في المركز..وطُلب من الحجي أن يحضر للتعرف عليه..وأرسلني الحجي يريد العباءة (المارينية والجاسبي) حتى يذهب بها إلى المركز...وقامت الحجية بتسليمه العباءة الفاخرة...ليأخذها كما اخذ الجدرية والدهن!...
هذه الحكاية تنطبق علينا اشد ألأنطباق، فقد أخذ ساستنا منا القدر النحاسي الذي نضع فيه الدهن، ثم ملأوه دهنا بلا ثمن دفعوه، وخسرنا القدر والدهن، بل كنا "خوش أوادم كلش" ودفعنا ثمن دهن لم نستلمه قط..ثم ما لبثوا أن أعادوا علينا لعبتهم مرة أخرى فسرقوا ملابسنا مثلما سرقوا آمالنا، وتركونا عراة.. !
كلام قبل السلام: لم تكن الذئاب ذئابا لو لم تكن الخراف خرافا..!
سلام...
https://telegram.me/buratha