حافظ آل بشارة
اصبح (الحوار) من شروط حل الأزمة السياسية الراهنة ، ولكثرة تداول هذا المصطلح (الحوار) اصبح يحتاج الى تعريف ، المقصود من الحوار ابتداء هو ان يجلس قوم مع قوم آخرين ويتفاهموا عبر الحديث ، الاجتماع الوطني المقبل مجرد جلسة حوار ، هناك عدة افكار تتعلق بالحوار البشري يفترض ان يفهمها المواطن لكي يعرف عاقبة الأمور ، وقد يختلط مفهوم الحوار بمفهوم التفاوض وان كان الاول اوسع وأعم ، فمن ناحية الاطراف المشتركة في الحوار هناك : اولا : الحوار مع الشريك ، ثانيا : الحوار مع المنافس ، ثالثا : الحوار مع العدو ، رابعا : الحوار مع المحايد . وفي بلدنا كل كتلة لديها شركاء ومنافسون واعداء ومحايدون ، فهي تتحاور على اساس هذا التقسيم . أما أهداف الحوار فهي ناتجة من كون الحوار وسيلة للاقناع فهو أما ان يجري لتقوية قناعات سائدة وتطويرها ، او لاكمال قناعات ناقصة ، أو لتصحيح قناعات خاطئة ، او لتأسيس قناعات من موضوعات جديدة لم تكن معروفة لدى المقابل ، ولكي ينجح الحوار لا بد من وجود الاعتراف المتبادل بين الاطراف المتحاورة ، اعتراف بوجودها وافكارها وحقوقها ، فاذا جاء المحاور الى الطاولة وهو يحتقر الآخر ولا يعترف به ولا بافكاره ولا بحقوقه فهو ليس حوارا بل تجسس على الافكار ، الشرط الآخر : النوايا المكشوفة الواضحة الشجاعة ، فاذا جاء المحاور الى الطاولة وهو يعلن نوايا معينة بلسانه ويضمر عكسها في ذهنه فهو حوار اداته النفاق وعاقبته الغدر وثماره تأسيس عداوات جديدة ، الشرط الثالث : أدب الحوار وما فيه من الصبر والتحمل والحلم ، ربما يتعرض كل طرف الى سيل من الاتهامات والانتقاصات والبهتان ، خاصة في حوار الاعداء او حوار المتنافسين ، وربما في حوار الشركاء بالعتاب والمحاسبة ، وعلى الطرف المتعرض الى الهجوم ان لا يشعر بالاهانة او المظلومية ويحاول الثأر لنفسه او ينشغل باثبات كذب المقابل ، وليضع في حسابه انه يمارس نوعا من القتال البارد وهي ليست نزهة ، وعليه ان لا يتوقع مدحا او اطراء بل يتوقع ماهو اسوأ ، لذا فمن علامات الحوار الناجح انه يبقى في حدود الكلام مقابل الكلام ضمن اطار اخلاقي يدركه الطرفان ، ولكل حوار اهله والمختصون به ، فاذا اراد المحاور ان يحصل على مكاسب من المقابل بطريقة التركيع والاستضعاف ارسل صقوره الى طاولة الحوار ليستخدموا خطابا متشددا وتهديدات مبطنة واستفزازات مدروسة وغطرسة متفق عليها مستعرضين عناصر قوتهم ملوحين بأسوا الخيارات ، أما اذا اراد الحصول على مكاسب ولكن بطريقة التنازلات الهادئة من المقابل ارسل حمائمه يستخدمون الهمس والابتسامة ونظرات الود المركزة والكلمات الناعمة التي تشق طريقها الى القلوب وتهدئ الاعصاب وتفتح طرق التفاؤل مستعرضين المشتركات ملوحين بوعود مستقبلية ، وقيل في التفاوض: (تكلم بهدوء وانت تحمل العصا الغليضة) ، الذي يعرف بعناصر تفوقه يكون اكثر تواضعا ، تطور فن الحوار بين الاطراف السياسية موضوع حضاري ، هل تتحاور القوى الوطنية في العراق على هذه الاسس أم ان هناك (خبصه) وخلل في تشخيص الاعداء والاصدقاء والمحايدين ؟ خلل في تعيين اهداف الحوار ، ارتباك في شروط الحوار والنوايا المسبقة والاطر الاخلاقية ، وأخيرا الخلل في فرز معسكر الصقور من معسكر الحمائم في كل كتلة ، ربما يحضر الفريقان بلا تخطيط لينهار كل شيء .
https://telegram.me/buratha