حزب الدعوة يتخلى عن المالكي !!
ساهر عريبي sailhms@yahoo.com
تسود اوساط حزب الدعوة الاسلامية الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي حالة من الانقسام الشديد على خلفية جملة من العوامل، وفي طليعتها نزعة المالكي الدكتاتورية، وسعيه للهيمنة على الحزب وعلى الحكم في بغداد مدعوما من قبل اقلية في الحزب يقودها السنيد والعسكري وغيرهم ويغلب عليهم الانتماء المناطقي.فيما يقود جناح المعارضين للمالكي جملة من القيادات التأريخية في الحزب والتي تسعى لتصحيح مسيرة الحزب واعادتها الى سابق عهدها بعد ان أصابها التردي حتى وصلت الى الحضيض ومنذ تولي المالكي للامانة العامة للحزب بعد إزاحة الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق منها في آيار من العام ٢٠٠٧.
فحزب الدعوة الذي تأسس في الخمسينيات من القرن الماضي خاض مواجهة شرسة مع النظام العراقي السابق تعرض خلالها أعضاء الحزب وكوادره حاله كحال بقية القوى الوطنية الى حملات من التصفية الجسدية والاعتقالات وخاصة بعد قرار النظام السابق اعدام كل منتمٍ للحزب وبأثر رجعي .وقد نجح الحزب بعد ذلك في اعادة تنظيماته اذ استجمع قواه في المهجر لتعود قياداته الى بغداد بعد التاسع من نيسان من العام ٢٠٠٣ ولتساهم بفعالية في العملية السياسية. ومنذ ذلك التأريخ رأس الحكومة العراقية قياديين اثنين من الحزب وهم كل من الجعفري والمالكي.
الا ان الحزب تعرض وبسبب موقفه من الاحتلال الامريكي وانخراطه في العملية السياسية تحت حماية الدبابات الامريكية الى موجة من الانتقادات الشعبية الواسعة على خلفية الايديولوجية الاسلامية التي يهتدي بها الحزب والتي تحرم التعامل مع قوى الاحتلال الاجنبية واضفاء الشرعية عليها والانخراط في مشاريعها السياسية.حتى اصبح حزب الدعوة بنظر العديد من المفكرين والسياسيين والمواطنين اول حزب اسلامي عريق يسقط في قبضة الولايات المتحدة الامركية في منطقة الشرق الاوسط.
فأمريكا عجزت وطيلة عقود عن إحتواء التيارات الاسلامية العريقة في المنطقة وفي طليعتها حركة الاخوان المسلمين وتفرعاتها في البلدان العربية .وامريكا باءت كافة محاولتها لاحتواء التيارات الاسلامية الحاكمة في ايران اليوم بالفشل،وكذلك لم تنجح امريكا في احتواء التيار الاسلامي التركي الذي يتقدم بشكل واضح داخل المجتمع التركي وعلى حساب العديد من حلفائها. الا أنها نجحت نجاحا منقطع النظير وفي زمن قياسي لا يتعدى بضعة اعوام ، في احتواء حزب الدعوة الاسلامية وتحويله الى لاعب اساسي ضمن مخططاتها ومشاريعها التي وضعتها لمنطقة الشرق الاوسط.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان سيرة الامين العام للحزب وطيلة سنوات تصديه لرئاسة الوزراء قد أضرت بالحزب وسمعته.فالحزب الذي كان يقترن اسمه سابقا بالنضال والتضحية والوطنية والقيم والمباديء اصبح اسمه مقرونا اليوم بالفساد والدكتاتورية والمنسوبية والمحسوبية والتخلف والعمالة.اذ يبدو ان هذا الحزب العريق قد سقط وبشكل سريع في اول اختبار له عندما جلس على كرسي الحكم بدلا من كرسي المعارضة.
فالمالكي ومنذ تسلمه لرئاسة الوزراء والامانة العامة للحزب وهو يسعى لتهميش واقصاء كافة القوى السياسية سواء الحليفة له او الكتل السياسية الاخرى.فهو يرفض تعيين وزير للداخلية من داخل كتلة التحالف الوطني المنتمي اليها ويصر على ابقائها تحت سيطرته ،وهو يرفض تعيين وزير للدفاع من كتلة العراقية ،وهو يبسط سلطته على جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية المستقلة،وهو يسعى لبناء جيش مليوني يدافع عنه لا عن الوطن،وهو يحاول تهميش واقصاء كافة القوى الوطنية والسياسية والتفرد بالحكم واثارة النزعات الطائفية والقومية،حتى دخلت البلاد في عهده اليوم في حالة من التوترات التي تنذر بوقوع الكوارث. وهو الامر الذي دعا عددا من القوى السياسية الى الاجتماع في اربيل ووجهت له انذارا لتنفيذ الاتفاقيات التي افضت لتشكيل الحكومة وبغير ذلك فانها ستسحب الثقة عنه. وقد بلغ الفساد مبلغه في عهد المالكي حيث تربع العراق على عرش الفساد العالمي ،فقد تم هدر قرابة الخمسمئة مليار من الدولارات تمثل عائدات العراق النفطية طيلة السنوات الخمس الماضية فيما لازال العراق يغط في ظلام دامس وبلا اي تحسن يذكر على وضع بنيته التحتية او اعماره او حتى على الصعيد الامني.لقد كان لسياسة المالكي القائمة على تقريب الفاسدين والجهلة وازلام البعث وابعاد الكفاءات والمناضلين ابلغ الاثر في وصول الوضع الى ما وصل اليه.
لقد وصلت الاوضاع في عهد المالكي الى حالة خطيرة تستدعي وقفة تأريخية من قبل قيادات الدعوة التأريخية التي لابد لها من تصحيح مسيرة الحزب وانقاذ البلاد التي تقف اليوم على مفترق طرق خطير ، فهناك شبح الدكتاتورية وشبح الحرب الاهلية وشبح التقسيم.وهو الامر الذي ادى اليوم الى انقسام شديد في حزب الدعوة بعد تداعي عدد من قياداته التأريخية مطالبة بتصحيح المسيرة ، ولربما تشهد الايام القليلة القادمة اعلان الحزب ازاحة المالكي من منصب الامين العام تمهيدا لسحب الثقة عنه كرئيس للحكومة العراقية.
22/5/515
https://telegram.me/buratha