خميس البدر
مع إختلاف الأعراق والبلدان وعلى امتداد جغرافيتها فكلّ بلدٍ يمتاز بخصوصياته ويعتز بتلك الانتمائات والاثنيات التي يتكون منها، ومهما قلنا عن توحد بلد وانفراد قومية ما بأغلبية سكانه او انتشار ديانة او معتقد بينهم لا يخلو ذلك من خصوصية لفئة هنا أو امتياز هناك وتباين بلغة أو لهجة أو لون أو معتقد، والعراق بلد لا يشذ عن هذه القاعدة ويزيد بتأريخة وحضارته وقدره أنّ يكون موطن للعرب والاكراد والتركمان وقوميات أخرى وفيه اغلبيّة مسلمة شيعية وسنية ومسيحيين وصابئة وايزيدين وآشورين،هذا هو العراق ومهما قلنا عن اغلبية مكون او فئة فلا نتصور ان تعيش بمعزل عن هذا التنوع او ان تقصى مجموعة فالكلّ شركاء في الوطن ولعل اكثر ما يلاحظ هو العلاقة العربية الكردية وتعايشهما على اختلاف المراحل وامتداد التاريخ الطويل للعراق وان تعرضت هذه العلاقة في مراحل لبعض الهزات ومرت بأوقات عصيبة من خلال سياسات الحكام وتسلط الظالمين والطغاة واصحاب الافكار المريضة واخره تسلط البعث الكافر على العراق وما ناله كل الشعب العراقي من ظلم على يد صدام المقبور وخصوصاً ما تعرض له الشيعة كمذهب والاكراد والتركمان كقومية وان كانت مظلومية الشيعة اكبر واقسى لانهم اغلبية الشعب والمعروف والمشهور ان تتجاوز الاغلبية على الاكثرية ا وان تطالب الاغلبية بحماية ومراعاة والحفاظ على حقوق الاقلية الا ان مصيبة الاكراد ومظلوميتهم لاتقل عما تعرض له الشيعة وبين التعايش السلمي والاضطهاد بين الجذور الممتدة عميقا وبين النبات الغريب ظهرت علاقة بين مكونات الشعب العراقي عموما والاكراد والشيعة خصوصا علاقة تاريخية ومتميزة لايستطيع احد ان يقتلعها او يؤثر عليها مهما يكن ذالك الشخص او تلك الجهة وتجلت تلك العلاقة بعد سقوط الصنم عام 2003، وكيف مثلت هذه العلاقة ضمان للعراق وامنه وحماية مكتسبات التغيير والعملية السياسية مهما قيل عنها او تعرضت للهمز واللمز والقدح الا انها تبقى علاقة قوية مبنية على أسس التضحية والدماء والمظالم، علاقات تاريخية ربّما عايشنا جزءا منها مما سجله التاريخ للمرجعية العليا وتعاملها مع القضية الكردية وخاصة ما نتناقله من تعامل امام الطائفة السيد محسن الحكيم قدس سره الشريف، ومواقفه الشجاعة تجاه مخططات البعث وكيف استمرت مع شهيد المحراب وعزيز العراق وسماحة السيد عمار الحكيم دام عزه، وعلى الرغم من توتر العلاقات بين الاقليم والمركز وتحديدا بين رؤية المالكي والبارزاني تجد العلاقة ارقى، والتاريخ يفرض نفسة فعند توقيع الاتفاق الخماسي الاخير في اربيل نجد ان مام طالباني لم يوقع وكأنه يقول هذه العلاقة لن تشطب بجرة قلم و ان العلاقة الكردية الشيعية هي ما عبر عناه السيد عمار الحكيم مرارا وتكرارا وليس اخيرا عندما اكد عليها وانها غير قابلة للمزايدة او المساومة او الاتهامات المتبادلة وهو ما يلاحظ على خطاب كردستان البارزاني ومركزية المالكي وهذا ما لاينسجم مع تلك العلاقة المصيرية والتاريخية والتي اذهلت العالم واحبطت كل المؤمرات التي حيكت طوال فترة التسع سنوات من عمر التجربة السياسية الوليدة، فهذه العلاقة ليست منة يمن بها الشيعي على الكردي او الكردي على الشيعي بقدرما هي مصير وقدر، فلا بدّ ان نسلم لهذا المصير وان نصنع ذلك القدر مثلما تكسرت على اعتابه كل الدسائس القديمة والمشاريع المشبوهة من الداخل والخارج ولا بد للحديث ان يكون اكثر واقعية ومنسجم مع تلك العلاقة سواء من جهة حزب الدعوة ممثلا بدولة الرئيس المالكي او كردستان مممثلا بالبارزاني وليدع كل منهم ونوابهم الحديث وتبادل الاتهام وتوصيف احدهم الآخر بالدكتاتور فكلاكما من ضحايا الدكتاتورية وليغلب الطرفان مصلحة العراق أوّلاً ومن خلال هذه المصلحة تتحقق مصالح الشعبين الكردي والعربي السني والشيعي مما ينعكس على عموم الشهد العراقي وكما عرفناه دائماً.
https://telegram.me/buratha