أحمد عبد راضي
القرار الاخير الذي اعلنته الحكومة القاضي بالسماح للعراقيين بحيازة قطعة سلاح واحدة، كان مدعاة للكثير من الاعتراضات والرفض والتهكم أحياناً، إذ أنّ أشد ما يعانيه العراقيون في هذه الاونة بالذات هو الاوضاع الامنية والتي يلعب انتشار الاسلحة دوراً كبيراً في ترديها . القرار سيلقي بظلاله على جوانب كثيرة وسيساهم في تعقيد الكثير من الملفات التي كان على الحكومة الالتفات اليها قبل اصدار قرار من هذا النوع، فمن الناحية الاجتماعية سيكون للقرار اثر كبير في سهولة استخدام السلاح بمناسبة وبدون مناسبة، ذلك ان الاسلحة المنتشرة في مناطق البلاد هي بالاصل كثيرة وباعداد مخيفة، قبل تشريع حيازتها وترخيصه ، فكيف بنا اذا ما اصبح الامر طبيعياً وصار مشهد الرجل المسلح مألوفاً ؟ ان هكذا قرار سيسمح للناس بوضع اسلحتهم تحت اليد وبالتالي استخدامها سيكون اسهل بكثير مما لوكانت محضورة او ممنوعة ويحاسب على حيازتها القانون، اضف الى ذلك ان بعض المدن العراقية المكتظة بالسكان والتي يغلب عليها طابع المشاجرات اليومية والحوارات الحادة تتطور فيها الاحداث بصورة مدهشة لتصبح معارك عشائرية طاحنة ( بالسلاح المرخص) . امنيا سيكون من الصعب السيطرة على الاحداث مع وفرة الاسلحة المسموح باقتناءها وحيازتها خصوصا مع ضعف شخصية رجل الامن وعدم وجود حماية كافية له، اذ يعاني رجال الامن العراقيين ( شرطة وجيش) من عدم احترام الناس لهم وذلك بحكم ضعف الدولة وقوة المليشيات والعشيرة وهذا الامر معروف ومشخص من قبل الجميع. ومن زاوية اخرى فان السماح بحيازة السلاح يعني بالضرورة السماح ببيعه وشراءه والمتاجرة به وبالتالي انتشار محال بيع الاسلحة المرخصة ما يعني وجود كمية كبيرة من السلاح في المدن بصفة سلاح معروض للبيع تارة ، وسلاح مرخص للحيازة تارة اخرى ، وهذا الامر كفيل بزعزعة ثقة الناس بالحكومة الناتج اصلا من عدم ثقتها بالامن ورجال الامن، ويبرر بعض مناصري هذا القرار بان حيازة السلاح سيحمي الشريحة المستهدفة من قبل عصابات السرقة والخطف كالاطباء والمحامين ورجال الاعمال الذين يتعرضون لجرائم الخطف والابتزاز باستمرار، وهذا الكلام مردود أيضاً، اذ ان حماية الناس دور الحكومة وهذا الجهد الامني تبذله جميع الدول حتى التي ترخص السلاح فلا يمكن بأي حالٍ من الاحوال إيكال هذه المهمة الى المواطن نفسه، وما يفترض به ان تفعله الحكومة هو تقوية رجال الامن وتقوية القانون وستلاحظ ان عدد الجرائم والمجرمين سوف ينقص تدريجاً، لا ان تعتمد في ذلك على المواطن نفسه.اخيرا كنا نظن ان نزع السلاح هو من اولويات الدولة الجديدة وليس نشره بين الناس، والله من وراء القصد.
https://telegram.me/buratha