( بقلم : اسعد راشد )
نعود للصدف ونقول هل هي الصدفة ان يكون كل الذين قاموا واتهموا باالارهاب وعمليات التفجير هم من السنة ؟ وهل هي الصدفة ايضا ان يكون معظم المتهمين من العرب السنة ؟
لماذا لا نجد شيعيا واحدا متهما باعمال الارهاب والتفجير او متهما باعمال من هذا القبيل ؟
لماذا كل الذين يحاكمون في قضايا الارهاب في اوربا هم من السنة ولم تتضمن القوائم احد من الشيعة ؟
تجري محاكمات في اوروبا لاشخاص وجماعات نفذوا عمليات تفجير ارهابية في بلدان مختلفة وعلى رأس تلك المحاكمات هي التي جرت في مدريد لارهابيين من العرب السنة الذين ارتكبوا تفجيرات مدريد الارهابية التي ذهبت ضحيتها اكثر من 200 قتيل من المدنيين واكثر من 1500 جريح وقد استهدفت تلك التفجيرات القطارات ومحطاتها المزدحمة بالركاب والمسافرين في اسوء هجمة ارهابية شهدتها اوروبا وقد اتهمت السلطات الاسبانية الجماعات السنية الاسلامية المتطرفة بضلوعها في تلك التفجيرات المروعة التي وصفها احد الركاب بانها "مجزرة" ومرعبة فيما اعلن تنظيم القاعدة في حينها في بيان لجريدة القدس العربية الصادرة في لندن 11/4/2004 التي تسلمته عبر بريد الكتروني مسؤوليته عن تفجيرات مدريد وقال البيان ان كتائب ابو حفص المصري تسللت باسم القاعدة الى اسبانيا "التي تعد احد اعمدة التحالف الصليبي" !
وقبل ايام اعلنت الجماعة السلفية الجهادية القتالية في الجزائر انها قد غيرت اسمها الى جماعة "تنظيم القاعدة والجهاد في المغرب الاسلامي" والمعروف ان تلك الجماعة لها امتداد وخلايا سرية في كل اوروبا تقوم بادوار مزدوجة واغلبهم من اصول مغاربية ويحملون جنسيات مزدوجة .
وقد اعلنت مصادر اروبية وخاصة فرنسية قبل فترة انها اعتقلت مجموعة اشخاص وهم اعضاء في خلية ارهابية تقوم بتجنيد انتحاريين ومقاتلين وارسالهم الى العراق عبر مطار دمشق وهو ما اثار كثيرا من الشكوك لدي المراقبين الاوربيين بوجود ارتباط قوي بين خلايا الارهاب السنية السلفية التي تحولت الى "تنظيم القاعدة" في اوروبا وبين مثيلاتها في العراق وسوريا والخليج والتي تمد وتوفر لتلك القادمة من اوروبا الملاذ والاموال والدعم اللوجستي لتنفيذ عمليات القتل والتفجير في العراق او لتلقي التدريب على مختلف فنون القتال وصنع المتفجرات وحتى غسيل في الدماغ لكي يعودوا الى اوطانهم او الى اوروبا لتنفيذ ما يؤمر لهم .
ولعل الذي لفت انتباه المراقبين في تلك المحاكمات التي جرت وتجري ليس فقط في اسبانيا وانما في بريطانيا والمانيا وحتى فرنسا وكذلك تلك التي جرت قبل ايام في تركيا والتي انتهت بالحكم المؤبد على جميع الافراد الذين شاركوا في تفجيرات اسطنبول ان كل الذي حوكموا ويحاكموا ينتمون الى "الحركة السلفية" السنية الجهادية او تنظيم القاعدة ‘ هذا الامر دعى الى ان يتسائل العديد من المراقبين حول السر في ان يكون الذين قد اتهموا هم من السنة وتخلوا القوائم التي بايدي اجهزة الاستخبارات الغربية من اي اسم "شيعي" .
هناك من المراقبين والمتابعين الغربيين لشؤون التنظيمات الاسلامية يعتقدون ان عمليات التفجير الارهابية التي حدثت في مدريد كانت لها صلة بما يجري في العراق ومنطقة الشرق الاوسط وان اجندة الارهاب في اوروبا ونظائره في المنطقة العربية هي واحدة وان الجهات التي تقف خلفها هي جهات سلفية عربية لها ارتباطات اخطبوتية لا يستبعد ان تكون اطراف رسمية في دول المنطقة متورطة فيها وقد كشفت محاكمات مدريد بادلة جديدة تثبت ان التفجيرات كانت تهدف التأثير على نتائج الانتخابات الاسبانية وكرد فعل على وجود القوات الاسبانية في العراق حيث استطاعت تلك التفجيرات التي اتت قبل ثلاثة ايام من الانتخابات ان تسقط حكومة حزب الشعب الاسباني وتأتي باالحزب الاشتراكي برئاسة ثاباتيروا الى الحكم والذي انهى فور وصوله مهمة القوات الاسبانية في العراق وقد انسحبت سريعا في صيف 2004 وهو ما خلق اعتقادا لدي المحليين قناعات جديدة حول اجندة التنظيمات السلفية القاعدية ومصادر تمويلها المالي وتغذيتها العقائدية والفكرية .
وقد أكد اؤلئك المراقبون وعدد من الباحثين ان السلفية الجهادية وانتشارها في المغرب العربي واروبا هي ظاهرة مستوردة لم تكن مألوفة في تلك الدول وان مصدرها هي الدول العربية السنية وخاصة تلك التي تحتضن الفكر السلفي وتمده باسباب القوة والاستمرارية كالسعودية البلد الام وبعض دول الخليج وحتى تلك المرأة البلجيكية التي قامت بعملية انتحارية في بغداد وقتلت العشرات من المدنيين الابرياء كان زوجها مغربيا وهي تنحدر من اب بلجيكي وام بلجيكية لم تذهب الى بغداد الا بعد ان اقنعها زوجها بذلك وقامت بعملية حشو فكري وغسيل دماغ لها لكي تقتنع بذلك فيما الاجندة التي كان يحملها من يقفون خلف العملية هي اجندة لها علاقة بالاوضاع في المنطقة لها جذور سياسية وعقائدية وطائفية ‘ هذه المعرفة بظاهرة السلفية في المغرب العربي واورربا وعلاقاتها العضوية بالسلفية الجهادية والقاعدية في الشرق الاوسط ولدت قناعة كاملة لدي المسؤولين والمراقبين في الغرب ان الارهاب ليس مصدره منطقة بذاتها وانما بفكرة وعقيدة تساهمان في صناعة الارهاب واستمراره وان هذا العقيدة متأصلة في بلدان معينة تعتبر حاضنة لها ومصدر تغذية فكررية لاتباعها في العالم وهذا الامر اشار اليه المرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية كيري عندما قال ان "التهديد لمصالح امريكا والغرب يأتي من الاصوليين الذين تدعمهم الاسرة المالكة في السعودية التي تعتبر في نظر كيري انها معمل لتفريخ الاصوليين والارهابيين".. وليس مستغربا ذلك اذا عرفنا ان التقرير السنوي لواشنطن بوست الصادر يوم الاحد الماضي كملحق اسبوعي لعشرات الصحف الامريكية اعتبر ان "القيادة السعودية" اي الاسرة الحاكمة فيها تعتبر ضمن خمسة زعامات عربية هي من اسوء طغاة العالم . واعتبر تقرير واشنطن بوست ان "الولايات المتحدة لم تعترض على سياسات الاستبداد و"التعصب"التي يمارسها النظام السعودي نظرا لامتلاك الاسرة المالكة لاكبر مخزون نفطي في العالم" وقد اتهم التقرير النظام السعودي بممارسة التضييق على الحريات الدينية والعداء لليهود والمسيحيين ‘ الرابط الى التقرير :
http://www.irakna.com/modules.php?name=News&file=article&sid=301&mode=thread&order=0&thold=0
ولعل ما يجري في العراق اليوم من اعمال القتل والذبح وتفجيرات وحشية بهدف الابادة الجماعية للسكان الشيعة والتي في الاساس تستهدف مناطقهم يكشف المستور من ذلك الفكر والعقيدة ويجيب على تلك التساؤلات حول عمليات التفجير الارهابية في اوروبا وخلوّ قوائم المتهمين من اي شيعي وهذا الامر بحد ذاته ايضا يفرض عدد من التساؤلات والتشكيك المنطقي حول حقيقة الاتهامات التي يسوقها الاعلام العربي وبعض الاطراف العربية الرسمية والجماعات المتطرفة التكفيرية في السعودية والخليج وعموم العالم العربي ضد ما يسمونه "الميليشيات الشيعية" في العراق ودورها كما يدعون في تأجيج العنف الطائفي ‘ فاذا كان المتهمون في تفجيرات اروريا كلهم من السنة ومعظمهم عرب فلماذا يركز الاعلام العربي على الميليشيات الشيعية في احداث العنف الطائفي العراقي ويتجاهل التطرق بل وحتى الاشارة الى دور "السلفية السنية الجهادية" التي تنضوي تحت لواءها جماعات القاعدة والبعثية السلفية في عمليات التفجير الشرسة والمفخخات التي تضرب بوحشية وعنف لا مثيل له الاسواق ومناطق السكن وبيوت الامنين الشيعة في العراق؟!
يرى المراقبون ان غياب الادلة التي تثبت بضلوع الشيعة في الارهاب ـ وهو الواقع ـ دفع بالاطراف السلفية والانظمة السنية الضالعة بالفعل في دعم الارهاب والجماعات السلفية الجهادية للجوء الى سوق الاتهامات للشيعة في العراق وخلق ذرائع لجلب العداء لهم والتحريض عليهم رغم ان كل الدلائل والارقام والشواهد تؤكد على ان الشيعة هم مسالمون وان ايديهم مامازالت نظيفة وغير متورطة في اي من عمليات الارهاب التي تستهدف المدنيين في اي مكان وتأتي محاكمات اوروبا لتزيل الغشاء عن اعين الكثيرين وتكشف لهم ان كل الارهابيين الذين يحاكمون في اوروبا هم من السنة والسلفية القاعدية .
والمثل يقول اذا عرف السبب بطل التعجب!
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha