المقالات

ازدواجية القرار السياسي والمنهجي للقوى السنية العراقية

1572 23:37:00 2007-02-17

( بقلم : جمال العلي )

ظاهرة الازدواجية في خطاب القوى السياسية السنية العراقية في موقفها من النظام السابق وحزب البعث وجرائمهما ومن الجماعات المسلحة والارهاب وضرورة الفصل بين المقاومة ضد المحتل وقتل المواطنين الأبرياء وضرب المصالح الوطنية والعلاقة بأميركا وسفارتها والمجموعات الارهابية التكفيرية منها والمرتزقة عربية كانت أم أجنبية ومن الطائفية والمحاصصة ومفهوم الوحدة الوطنية والاسلامية أصبحت ظاهرة لا تخفى على احد، مما دفع البعض لأن يسمي قادة هذه القوى بجماعة السفارة (السفارة الأميركية) وهي التي دفعت بالرئيس العراقي جلال الطالباني القول بان هناك من يتغدى معنا في النهار ويتعشى ليلاً في مقار الارهاب،هذه الظاهرة المثيرة للجدل يعتبرها الكثيرون عقبة أمام الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد لأنها لا تبعث برسائل اطمئنان الى الأطراف الاخرى فهذه الشخصيات متناقضة في تصريحاتها داخل الغرف المغلقة مع ما تقوله في اجتماعاتها السياسية مع باقي الأطراف ايضا .

فقد أضحت هذه الشخصيات والقوى السياسية السنية العراقية خاصة تلك التي ظهرت على الساحة بعد سقوط الطاغية ونظامه الدموي وأخذت على عاتقها القرار السياسي السني رغم رفض الغالبية السنية لها ، أضحت متناقضة كل التناقض بين ما تقوله داخل العراق وما تصرح به في بعض العواصم العربية وبين ما يشاهد منها ومن علاقاتها بالمجموعات الارهابية خاصة المرتزقة منها في العواصم الأوروبية مما أثار حتى دهشة وتعجب وسائل الأعلام الغربية ومؤسساتها الأمنية تلك التي تعودت على مثل هذه التقلبات والتناقضات والازدواجية في الخطاب السياسي لهذه الحكومة أو تلك وهذا النظام العالمي أو ذاك .

كذلك يتناقض الخطاب لهذه الشخصيات بين ما تقوله في لقائها مع السفير الامريكي في بغداد "زلماي خليل زاد" داخل مبنى السفارة وبين ما تقوله بعد ذلك لوسائل الاعلام ، وقد استفحلت هذه الظاهرة أكثر بعد دخول هذه القوى الى العملية السياسية الجديدة في العراق حيث بدأ زعماء هذه القوى يكيلون بمكيالين في موضوعات حساسة من قبيل الفيدرالية والمصالحة الوطنية وجدولة الانسحاب وحل المليشيات والتدخل في الشأن الداخلي العراقي من قبل بعض الدول العربية والجارة ومماشاة الارهابيين من التكفيريين والبعثيين .

والأعجب في ذلك أن نرى هذه الشخصيات التي قد أصم صراخها آذان العالم بثوب "حقوق الأقلية السنية" في العراق وكيلها الاتهامات هنا وهناك ضد الأغلبية الشيعية واتهامها زورا وبهتانا وبطلانا بأقتراف الأخيرة العنف ضد الأولى ، نرى هذه الشخصيات تتسابق في الأقتراب من المجموعات الأرهابية ليست البعثية والتكفيرية السنية العربية فقط بل حتى مع مجموعة ما تسمى ب"مجاهدي خلق الايرانية" التي أقرت بارهابيتها جميع دول العالم حتى الأوروبية رغم احتضانها لها ويقيمون العالاقات الوثيقة والاتصالات معها والدفاع عنها من أجل بقائها في العراق هذه الزمرة التي لا يخفى على أحد ضلوعها الكبير والعلني في الكثير من المجازر التي تعرض لها أبناء العراق الأبرياء أبان عهد الطاغية المعدوم مثل الأنفال والانتفاضة الشعبانية والمقابر الجماعية ومجازر الأهوار وغيرها .

وقد أذهل تودد هذه الشخصيات العراقية السنية لزمر هذه المجموعة الايرانية الارهابية المجرمة جميع الصحفيين الغربيين في بروكسل و فوجئوا بالتنسيق والتعاون القائم بين من سمى نفسه رموز المعارضة السنية في العراق و أعضاء هذه الزمرة الارهابية الذين أنفقوا حوالي مليوني دولار على سفر وفد القيادات السنية العراقية برئاسة "عدنان الدليمي" وعضوية اعضاء من البرلمان العراقي وهم "خلف العليان"و"صالح المطلك" رئيس جبهة الحوار الوطني العراقي و"ظافر العاني" والشيخ "خالد البراع" أحد كبار عشيرة الدليم السنية واللواء الركن "علي خليفة" أحد كبار ضباط الجيش العراقي السابق وآخرون ، ومهدوا لحضوره في مقر البرلمان الأوروبي عبر و سيطهم الصهيوني عضو البرلمان البرتغالي الجنسية "باولو كاسكا " ، حيث اجفلهم ايضا التنافس فيما بين أعضاء هذا الوفد أمام الأوروبيين وكأنهم دمى بيد هذه الزمرة المجرمة تحركها كيف ما تشاء لضمان رغبة الأوروبيين الصهاينة وحفاظا على مصالحهم .

وهذه الازدواجية في القرار السياسي والمنهجي للقوى السنية العراقية ليست بجديدة بل ظهرت منذ مؤتمر لندن ولكن بشكل صغير ككرة ثلج ثم بدأت تكبر نحو تدمير المجتمع العراقي مع بدء الحرب على العراق ودخول الاحتلال الانكلو-أميركي وازدادت تدهورا مع اقتراب العراق من نهاية حقبة حكم "مجلس الحكم"و تفاقمت الأوضاع وازدادت سواء خلال حكومة أياد علاوي حيث بدأ الارهاب والعنف والقتل على الهوية يزداد ويتصاعد وبدأت هذه القوى والشخصيات والأحزاب التي ظهرت بعد السقوطً تسعى لارضاء بعض القطاعات من الشعب العراقي التي تنتمي اليه على أساس كانتونات عشائرية وقبائلية، فكل حزب ينتمي لمدينة وعشيرة معينة يحاول أن يرضي هذه العشائر والمدن التي ينتمي اليها،فلذلك نرى التناقض في تصريحات بعض الأحزاب فنراها أنها مع الحكومة العراقية و تتماهى في ذات الوقت مع العشائر المنتمية اليها وتجتمع ليلا مع المجموعات الارهابية التكفيرية والبعثية لعشائرها وكلنا يعلم ان هذه المناطق يعني العاصمة بغداد و المناطق الواقعة في شمالها وغربها كانت تمثل الأذرع للسلطة البائدة يعني هناك عشائر للجيش الشعبي و اخرى للحرس الجمهوري و اخرى لفدائيی "صدام".

فهذه الأحزاب والكتل السياسية والشخصيات التي برزت بعد سقوط نظام المعدوم "صدام" وتتحدث باسم الأقلية السنية إنما تلعب دور الواجهة للأطراف التي خسرت من سقوط النظام الدموي السفاح ، فيما يعزوا البعض ظاهرة الازدواجية في الخطاب السياسي لهذه الشخصيات السياسية السنية العراقية الى حبهم وتمايلهم نحو المصالح الشخصية والفئوية الوقتية واللعب على الحبال ، لأنها كانت المستفيد الوحيد في النظام السابق بحكم ان النظام كان يستخدمهم كأذرع في الأجهزة الحساسة والمهمة فكانت أموال وخزائن العراق بيدهم واليوم فقدوها،اليوم يحاولون أن يحصلوا على ما تبقى من هذه الأموال او الممكن،لكن يجب ان يفهموا أن العراق اليوم تغير أصبح برلمانياً ديمقراطياً وفيه حساب وكتاب وميزانية انتهى زمن "صدام" الذي كانت كل أموال العراق بيدهم .

ولكن الى أين تنتهي هذه الحبال ؟ ومع هذه الظاهرة الخبيثة و المنافقة والخطيرة ، ظاهرة الازدواجية في القرار السياسي كيف يمكن للحكومة العراقية الوطنية المنتخبة وحتى الأطراف الاخرى الاطمئنان الى شراكة حقيقية مع هذه الأحزاب والشخصيات والكتل السياسية التي تدعي اليوم بأنها تمثل السنة في صياغة مستقبل العراق؟.الدكتور جمال العلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك