الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
صورته تجلس أمامي في زاوية صغيرة من مكتبتي ..تطل علّي كل يوم أكثر من مرة ... مع كل إطلالة يزداد الرجل قربا لقلبي، وتتضح مواقفه وحبه يتجذر في روحي ، وجهه يختزن البعد الإسلامي كله ،بانتصاراته وإخفاقاته ، قسماته تجمع بين الرقة والحنان الأبوي في سياق رجل الدين الروحاني الناسك، وبين الصلابة والثبات والمقاومة ومقارعة الأعداء ، صراحته في مواقفه وخطبه تبين معدنه وطريقة تفكيره في صنع الحياة، رجل اجتمعت فيه الأضداد في عصر العولمة والتلون حب الناس وبغضهم وهذا دليل عدالة موقفه ، زج بنفسه في رحم الأحداث قائدا للمقاومة السياسية والعسكرية ضد الأفكار والسياسات الشوفونية الإسرائيلية الأمريكية ،تواضع اشتقه من سيرة الأولياء ، مسؤولية يستشعرها مقابل كل أم فقدت ولدها،وزوجة فقدت معيلها ، ووطن فقد جزء من أراضيه ، فكان السيد حسن نصر الله الكفيل الحامي المسؤول لكل ذلك، وهو الجدير بتحمل المسؤولية للقيام بالمسؤولية ، لا أريد شيئا من الرجل لأني لم أراه ولا يعرفني شخصيا، ولكننا نعيش أزمة رجال ذو مواقف ، أزمة تجعل العدو الإسرائيلي والأمريكي والأخ الذي عدا علينا.. أن يعيدوا حساباتهم العدواني علينا....
لست بالمداحين الذين اتخذوا مدح الناس وسيلة للاسترزاق ،أو التقرب من موقع أو سلطان ، أو الذين جعلوا أقلامهم ومدحهم بضاعة يستأكلون من خلالها ، ولكني أرى إن الموقف الشرعي والإنساني يهزني من أعماقي أن ارفع صوتي وأعلن بالفعل الحسن والأمر المحمود في زمن الانكسارات السياسية والعسكرية ، والتلون والانهزامية التي تطّبع عليها الرجال ، فمن مدح موقفا رجوليا بطوليا لأمر حسن محمود في زمن المواقف التراجعية الانهزامية ، إنما هو موقف متوافق مع الفطرة نرغب أن يقوم به غيره من الرجال ويقتدي بضوء مواقفه ،هذا ترغيبا وتشجيعا أن يسير القادة والسياسيون والروحانيون ومن له موقع في قيادة اجتماعية وسياسية ودينية في قيادته كما وجدناها في رجال حزب الله اللبناني وقادتهم .. وان كان المؤمن مرآة أخيه المؤمن فاني أرى صورة السيد حسن بهذا النموذج الذي يستحق فيه موقع قيادة الجماهير، أنا لست مداحا حين اذكر خطاباته متحدثا مع القادة الاسرائيلين محذرا إياهم إنهم إذا ضربوا بيروت { سنقوم بضرب تل أبيب} واذكر كلماته للشعب الإسرائيلي حين حذرهم من قادتهم الذين سيجرون الشعب الإسرائيلي إلى الويلات..اذكر نبرات صوته وصدقه وصلافته حين أعلن إن حزب الله اللبناني يتلقى الدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وانه يتشرف أن يعمل تحت قيادة ولي أمر المسلمين السيد علي خامنئي ، في وقت يعرف الصغير والكبير إن آخرين يتلقون دعما معنويا وماديا من الجمهورية الإسلامية جعلتهم يتبوءون مناصبا في دولهم ، ولكنهم يخشون أن يذكروا اسم إيران بخير في خطبهم ، يخافون أن يقول عنهم العكرون إنهم عملاء لإيران، لان قادة إيران يريدون ابتلاع المنطقة وضمها إلى إيران ، ولها أطماع في النفط العربي والأراضي العربية وإنها تنشر {دين} التشيع الفارسي في الوسط السني العربي،...
عشرات التهم يوجهها الإعلام الأصفر المريض التابع لأمريكا وقطر وإسرائيل وجرذانهم في المنطقة العربية ، أصحاب المناصب لا يردون عليهم سوى ابتسامة صفراء خجولة ، لأنهم دون مستوى القيادة !!، لأنهم يعيشون لحظة نفاق بين ما يضمروه وما يسمعوه ولا يردون عليه..!!! جاء رجل إلى الإمام أمير المؤمنين {ع} وقال يا أبا الحسن أريد أن أقول فيك شعرا ، فقال له الإمام{ع}: أنا اعرف بنفسي ، والله اعرف بي من نفسي ،فرجع عنه الرجل...مقالتي عن السيد حسن نصر ليس مدحا في صلاته وصيامه، أو دعائه وتهجده ، ولا أرى له امتيازا على غيره في عبوديته لله ، هذه بينه وبين الله وهو يعرفها أكثر مني ، والله يعرفه أكثر مما تعرفه نفسه وأنا عنه ... ولكني أضع الرجل في إطار الرجولة والمواقف البطولية في زمن التنازلات والخنوع الذي يعيشه المسلمون بكل أشكاله وصوره ، فلا مجال للمقارنة بينه وبين رجل تخرج من كلية حربية ومارس وظيفته في الجيش وقاد وحدات صغيرة وكبيرة ، ويقول بملأ فمه { دي أمريكا يا صدام .. أمريكا مش إيران} وكأنه يجسد قول الله تعالى في الجبناء والمتلونين{ يتخذون أربابا من دون الله}.. وموقف الذل والعار في خيمة صفوان التي وقع ممثل الحكومة العراقية عام 1991 سلطان هاشم احمد على جميع شروط دول التحالف وأعطى ثلث أراضي البصرة للكويت حتى يبقى صدام في السلطة.... وكيف أقارن موقف السيد حسن نصر الله في معارك الدفاع الكبرى ضد إسرائيل عام 2007 بموقف علي سالم البيض حين قاد شطرا من اليمن سموه في حينها اليمن الجنوبي ، وحين تقدم أليه علي عبد الله صالح بمشروع الوحدة وقع عليه بيمينه، ولما حاول صالح ابتلاع دولة الجنوب اليمني ، لم يقاوم السيد البيض ، ولم يقاتل كأقرانه، الرجل اشتراكي حين تزاحمت مصالحه الدنيوية مع الموت في سبيل الهدف ، ترك وطنه وحزبه ورفاقه واتخذ من أوربا مقرا لإقامته... وبطل التحرير القومي والفارس المغوار ترك قصره الجمهوري ليعيش في حفرة العار مع جرذان وأبو بريص وصراصر العوجة , يشاركون السيد الرئيس الملهم حياته في حفرته ، ثم يستخرجه الأمريكان منها ويضع احدهم حذائه على رأسه.. أي بطولة ورجولة ومقاومة نريد أكثر من هذا.؟؟؟ والقائد الليبي يضرب شعبه ويعتدي على النساء والأعراض لان الشعب أراد تغيير الديكتاتورية إلى نظام انتخابي برلماني، قتل من شعبه بمقدار ما قتل الطليان زمن احتلالهم ليبيا ، وأخيرا أخرجوه من أنبوب تصريف مياه الأمطار أو المياه الثقيلة تحت الأرض.....
وهكذا أبطالنا وقادتنا نصفق لهم خوفا وطمعا ، وحين يقرب موتهم وتنتهي فترة حكمهم ، يستخرجهم الناس من الحفر والأنابيب ، وأفضلهم مكانا حين سقط هو نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي كان يدير مسؤوليتين في وقت واحد ، حكم الشعب علنا في النهار، وقتل وتفخيخ وتهجير الشعب سرا في الليل.. وأخيرا اختار تركيا أو قطر مقرا لإقامته ، وستأتي بقية أشباه الرجال في قيادة الأمة على هذا المنوال .. فأي مجال للمقارنة مع نموذج حسن نصر الله ...؟
وتاريخنا الإسلامي مملوء بالشواهد عبرا ودروسا في المقارنة .. رجل قائد يكشف عورته ليسلم من سيف الحق ثم يمتلك زمام الأمور ويصبح واليا على مصر.. ورجل يقتل المسلمين بالعشرات وهو قابع في الشام ثم يصبح أميرا للمؤمنين ويسمي نفسه خال المؤمنين..!!! ورجل يقتل ابن بنت رسول الله{ص} ليملأ ركابه فضة أو ذهبا.. مئات المواقف المخجلة من أشباه رجال لعبت الفرصة دورها وأصبحوا قادة وهم لا يستحقون رعي أربعة سخول كما يقول المثل العراقي ....
https://telegram.me/buratha