سليمان الخفاجي
من الغريب ان الوضع في البلاد والذي كان متأزماً لدرجة كبيرة وخطيرة بدأ يشهد انفراجاً على مستوى التصريحات ووجهات النظر وكأن الحل بات في المتناول بعد لقاءين كبيرين، الأول عقد في أربيل بين خمسة من الشخصيات السياسية المهمة في البلاد والتي شكلت بشكل واضح جبهة مناوئة لسياسة المالكي، عدا الرئيس طالباني الذي حافظ على اتزانه الذي عرف به طوال الفترة الماضية، حيث لم ينجر هذا الرجل إلى حرب التصريحات وبقي يمثل الأبوة والناصح للجميع مطلقاً مبادرته لحل الازمة والتي تؤكد وطنتيه ومصداقية وسعي الرجل الحقيقي للحفاظ على المنجز السياسي للبلاد وعدم جرها لما لا تحمد عقباه، فكان حكيماً في تصرفه هذا مثبتاً رجاحة عقله واهليته لمنصبه الحالي، فيما شكل اللقاء الثاني في بغداد والذي كان بنفس الإتجاه نقطة فارقة تحمل في طياتها انتصاراً لإرادة العقل ونصراً للمشروع الوطني الذي حمل لواءه حكيم آخر من آل الحكيم يريد لهذا البلد واهله الخير بلا شك، مؤكدا سعيه الصادق لتحكيم لغة العقل والرجوع الى الاصل في حال الاختلاف والتقاطع عبر وثيقة معتمدة أسمها الدستور ودون الخوض في تفصيلات اخرى كموقف رئيس الحكومة نوري كامل المالكي الذي تيقن من خطورة المرحلة مبيناً عقب اللقاء ان التعويل في النهاية سيكون على هذه الشخصيات والجهات المعروفة بتأريخها وتاثيرها لاخراج البلاد من عنق الزجاجة في حديث مباشر لايحتاج لتأويلات واجتهادات، فبعد اقصاء خطاب الحكيم الوطني البناء يعاد للدفع به الى الواجهة لانه القادر كما الرئيس طالباني على احداث الفرق وقيادة الامور الى بر الامان وهذا تصور اولي يمكن ان ندركه بسهولة لكن ماذا قال الحكيم وماذا تبنى وكيف ؟؟ ان المجلس الاعلى الاسلامي الذي أكد منذ اقرار الدستور على أهميّة الاحتكام إليه بوصفه المرجعية الأساسيّة والوثيقة الاولى صاحبة الحاكمية، أشار الى أهميّة أنّ تكون الحوارات القادمة المفترض ان تجرى ذات نظرة ستراتيجية وشاملة لمشاكل البلد وللحلول المطلوبة، ولا يمكن ان يتحقق الحل الحقيقي للواقع العراقي دون ان نصل الى هذه الرؤية الشاملة التي يجتمع عليها العراقيون والتي تلحظ كامل الحيثيات والهواجس للأطراف المختلفة فلا يمكن ان نصل الى حالة الوئام إلاّ من خلال رؤية شاملة تامة للامور. كما ان التباني على الالتزام بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من قرارات والتزامات أمر أساسي أيضاً، فإذا كان القادة يجلسون على طاولة ويتحاورن ويلتزمون بإجراءات معينة ويتخلفون عنها سوف لا تبقى فرصة للثقة الحقيقية بينهم وسوف تتصعب الأمور، وهذا ما اعترف به المالكي صراحة بقوله أنّ الخطأ وارد وان الاتفاقات حتّى وان ابرمت فأنها ان خالفت الدستور بعد الرجوع إليه فانها تفقد شرعيتها في تنصل واضح عن جزء من اتفاقات أربيل وهذا ما لايجب ان يتكرر مستقبلاً. ان على الشخصيات السياسية ان تكون على قدر المسؤولية حين تبرم اتفاقاً معيناً إذا وعدت فيجب ان تفي بوعودها والتزاماتها تجاه الآخرين كما ان الذهاب الى الحلول وتجنب الصفقات ووضع المعالجات التي تحقق مصالح للبلاد وتعزز الاستقرار السياسي مع دعم كلّ الحلول وادانة كلّ الصفقات التي تمت وتتم خلف الجدران والتي لا يعلم بها الشعب العراقي, ان أهم شرط لحصد النجاح في هذه التفاهمات الوضوح والشفافية واطلاع الرأي العام وأبناء الشعب العراقي على ما يتفق عليه القادة من امور لذلك على القوى السياسية تجنب الاتفاقات السرية والتعامل بوضوح أمام الشعب وتبين الاتفاقات بوضوح بأظهارها علنا حتى يتعرف المواطنون عليها, من هنا فقط نقطع الشك باليقين لضمان استمرار حالة الثقة مع ابناء شعبنا الصابروسيثبت المستقبل ان العقلاء من قادة هذا الشعب هم من يمتلك الرؤية بأتجاه خير هذا البلد المبتلى بالازمات.
https://telegram.me/buratha