( بقلم : عبدالاله البـلداوي باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية )
ج- نتائج الحرب الأهلية:(1) موت الآلاف من الأشخاص.(2) حرق ودمار الممتلكات.(3) تعطيل الحياة العامة.(4) الأعتداءات الجنسية.(5) التهجير والهروب القسري للعوائل. (6) القتل الفردي والجماعي.(7) أعمال وحشية بين الفريقين تترك جروح وشروخ لاتلتئم بسرعة.(8) تفشي الفساد الأداري والمالي في مفاصل الدولة ولاسيما بين الفئات والأحزاب الحاكمة وزعماء الحرب، وقد كشف مسؤول في هيئة النزاهة العراقية بأن الهيئة أصدرت مذكرة بأعتقال (88) مسؤول عراقي بينهم (10) وزير ووكيل وزارة بتهمة الفساد الأداري والمالي، كما طالبت الأنتربول بمساعدتها في القاء القبص على (61) مسؤول في خارج العراق، وتشير الهيئة بأن حجم الفساد المالي بلغ (7,7) مليار دولار، وبالطبع لم يشهد تأريخ الحروب الأهلية مثل هذا الفساد المالي ؟(9) نتائج الحرب تؤدي الى أوضاع مأساوية للنساء والأطفال، وذكر تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الأنمائي في العراق بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الأنمائي بأن 18% من اطفال العراق يعانون من سوء التغذية و23% يعانون من سوء تغذية مزمن، وقدرت عدد ايتام العراق (4-5) مليون طفل، وعدد المعوقين (900) الف، وعدد الأرامل (1،5) مليون ارملة، وهن يقمن بأعالة (7) مليون طفل، كما تشير أحصائيات وزارة العمل والشؤون الأجتماعية ان نسبة الفقر بلغت في أغنى دولة في العالم 42% من إجمالي عدد السكان، وان هناك (2) مليون عائلة عراقية تعيش دون مستوى الفقر، وان عدد العاطلين عن العمل (4) مليون عاطل، كما ارتفعت نسبة الأمية، يضاف الى ذلك هجرة الكفاءات التي تجاوزت الآلاف كما تم أغتيال حوالي (300) استاذ جامعي وعالم عراقي، وهذه البيانات تعكس حجم الكارثة في العراق وهي تمثل حالة نادرة في تأريخ الحروب الأهلية .(10) غالباً ما تؤدي الحروب الأهلية التى إنتشار الأمراض والمجاعات والعوز وانهيار القيم الدينية والأخلاقية وإنتشار التخلف الثقافي والتهرب من المدارس ونشاط تجارة المخدرات. (11) من النتائج المباشرة لهذه الحروب تشريد أبناء الوطن كلاجئين في دول العالم وغالباً ما يكونون من الشباب.ح- طرق إنهاء الحروب الأهلية:يضع الخبراء الأستراتيجيون والمحللون العسكريون عدد من الطرق المناسبة لإنهاء الحروب الأهلية وقد أستنبطوا من خلال دراستهم للكثير من نماذج هذه الحروب التي عاشتها الكثير من دول العالم وخاصة دول العالم الثالث :(1) تقوية سلطة الحكومة من خلال التعاون مع دول الجوار أو المنظمات الدولية لمدها بالسلاح والأمكانات المادية لتطوير وتقوية أجهزتها الأمنية مما يجعلها تفرض هيبتها على اراضيها وتتمكن من بسط نفوذها على القوى المتصارعة سواء بالتهديد بالتدخل العسكري أو إستمالة بعض أطراف النزاع اليها مما يعطيها الزخم للضغط على الأطراف الأخرى .(2) إنسحاب القوى الخارجية مثل قوات الأحتلال إذا كانت الدولة خاضعة اليها، إضافة الى وضع حد في تدخل دول الجوار وبقية الدول التي تدعم الأطراف المتصارعة من خلال ايقاف توريد الدعم المادي والبشري الى الأطراف المتنازعة، ولا شك أن شعور الأطراف المتنازعة بعدم مدها بعوامل أستمرار حربها من شأنه أضعافها وبالتالي ستتمكن الدولة من التدخل بقوة أكبر.(3) ترك الحرب مشتعلة بين الأطراف المتنازعة لغاية تحقيق النصر لمجموعة معينة على بقية المجموعات مما يسهل عملية التفاوض مع طرف واحد، رغم أن هذا الأسلوب من شأنه أن يؤدي الى خسائر مادية وبشرية كبيرة، كما أن الحرب قد تستمر الى فترة طويلة بدون توقف أو تتوقف وتستعر مرة ثانية.(4) القيام بمشاريع أو خطط صلح بين الأطراف المتنازعة من قبل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة أو المنظمات الأقليمية كجامعة الدول العربية أو منظمة الوحدة الأفريقية أو برعاية الدول الكبرى أو دول الجوار من خلال إعداد اتفاقية تتضمن شروط ملزمة على الأطراف المتنازعة يتقيدون بأتباعها ويتحمل الطرف الذي يخل بالشروط تبعات ذلك. (5) المشاركة الفعلية من قبل الكتل السياسية المتصارعة في الحكم سواء كان بشكل دوري أو ثنائي أو تقاسم الوزارات والمجالس النيابية أو الفدرالية أو الحكم الذاتي وغيرها من أنواع المشاركة، ويحتاج هذا النوع من المشاركة الى تبادل الثقة بين الأطراف المتنازعة إضافة الى إشراف من طرف ثالث يؤمن عدم الأنسياق وراء الأختلافات في وجهات النظر الى حرب أخرى .(6) والحل الأخير أشبه ما يكون " آخر الدواء الكي" في حالة صعوبة التوصل الى حلول ايجابية لوقف النزاع ولوجود جذور تاريخية أو مذهبية أو طائفية تحول دون أستمرار التعايش بين الأطراف المتنازعة، أو يجعل التعايش السلمي مستحيل بينهما، عنذ ذالك يمكن تقسيم الأرض بينهما.خ- أمثلة من الحرب الأهلية التي حدثت في العالم:- الحرب الأهلية الانكليزية (1642-1649).- الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865).- الحرب الأهلية الروسية ( 1918-1920).- الحرب الأهلية الأسبانية (1936-1939).- الحرب الأهلية اليونانية (1947-1949).- الحرب الأهلية اليمنية (1962-1970).- الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1976).- الحرب الأهلية الرواندية (1994-1995).- وهناك حروب أهلية أخرى مثل الحرب الأهلية في جنوب أفريقيا وغواتيمالا وكمبوديا وهاييتي وتشيلي واليوغسلافية وأفغانستان وغيرها.د- أقوال اصحاب الأختصاص في الحرب الجارية في العراق:- يتفق القسم الاكبر من الاساتذة الاميركيين المختصين في دراسة الحرب الاهلية على ان الصراع الدائر في العراق هو حرب اهلية . - يقول جيمس فيرون استاذ العلوم السياسية في ستانفورد (اعتقد انه في هذا الوقت ولبعض الوقت، فان مستوى العنف في العراق يرقى الى تعريف الحرب الاهلية بحيث يسري هذا التقرير في اية شهادة مسؤولة عن الموضوع). - ان اصطلاح الحرب الاهلية واسع بما فيه الكفاية ليتضمن العديد من انواع النزاعات، فان احد اطراف الحرب الاهلية هو غالباً ما يكون الحكومة السيادية. - يقول بعض الاكاديميين ان الحرب الاهلية بدأت حينما نقلت الولايات المتحدة السيادة الى حكومة عراقية معينة في حزيران – يونيو سنة 2004م .- قسم آخر يرى ان الحرب الأهلية بدأت في العراق بعد تفجير مرقدي العسكريين في سامراء. - يقول المحلل السياسي ايلين كنيكماير في مقال له نشر في الواشنطن بوست ( بأنه في الوقت الذي ينكر فيه الأمريكان الحرب الأهلية في العراق، فأن العديد من الخبراء والمحللين السياسيين وحتى الناس العاديين في الشرق الأوسط يعتبرون ان هذه الحرب قائمة فعلاً ). - وتذكر البرفيسورة (مونيكا توفت) الأستاذة في جامعة هارفرد بأن الحرب الأهلية واقعة فعلاً في العراق مستعينة بمعيار يتألف من درجات يبدأ بعدد القتلى وينتهي بدور الحكومة من هذه الحرب . - اما جوست هيلترمان الخبير في مجموعة الأزمات الدولية فأنه يقول ( اننا هنا لانتحدث فقط حول حرب اهلية على نطاق واسع بل عن دولة ضعيفة تنهمك المجموعات المتنوعة فيها في قتال شرس قد يمتد ويتحول الى صراع اقليمي في المنطقة كلها).- و يرى مجتمع الاستخبارات كما جاء في تقريره أن تعبير الحرب الأهلية لا يمثل بشكل ملائم تعقيدات النزاع في العراق، غير أن عبارة الحرب الأهلية تصف بشكل دقيق عناصر أساسية للنزاع في العراق، مورداً في هذا السياق العنف المذهبي واستنفار الطائفتين الشيعية والسنية ورحيل السكان. وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس رفض فكرة الحرب الأهلية في العراق، وقال للصحافيين: (إن عبارة حرب أهلية تبسط كثيراً الوضع البالغ التعقيد في العراق).ذ- الخلاصة:هناك عدة حروب تجري في العراق، يمكن تصنيفها بمايلي:(1) حرب داخل الطائفة الشيعية، وخاصة في الجنوب، كما حصل في البصرة والعمارة والديوانية والناصرية وفي النجف أخيراً.(2) حرب داخل الطائفة السنية، وخاصة في الغرب بين من يؤيدون العملية السياسية وبين من يقف ضدها.(3) حرب طائفية، في بغداد وديالى وصلاح الدين.(4) حرب عرقية، في كركوك والموصل وديالى.(5) حرب بين أزلام النظام السابق والقاعدة من طرف والشعب العراقي والحكومة العراقية والقوات الأمريكية من طرف آخر.(6) حرب الجريمة المنظمة في كل العراق.طبعاً كل هذه المجاميع التي ذكرناها أستخدمت واستعملت خلال السنوات الماضية كل الأساليب والطرق والتكتيكات الموجودة في حرب المدن وحرب الشوارع وحرب العصابات والحرب السرية وحرب الأستخبارات والحرب الأعلامية والدعائية والإشاعات والحروب التقليدية وغيرها، وتفننوا في كل أنواع القتل والذبح والتعذيب، فماذا نقول لقوات التحالف ودول الجوار الذين دعموا الأطراف العراقية المتصارعة بالمال والسلاح والرجال، والتي لم تحسب حسابها على المدى البعيد وخصوصاً دول الجوار، ماذا سيعمل شبابهم في بلدانهم عندما يرجعون اليها وهم بكامل العدة والشراهة في العنف؟اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha