مُحمَّد العقيلي
يسلب الفقر الإنسان كرامته وذاته وكيانه، ويجعله أمام أبواب مشرعة من الجحيم المحتدم والقهر واليأس بل ويعطيه واعزاً ودافعاً بأن يستهين بكلّ قيم وثوابت الحياة حتّى يصل به إلى أنّ يسفك الدماء ويقتل الآخر لمجرد شعوره بالضآلة وبأنه كائنٌ آخر، الفقر صنمٌ لم يستطع كلّ أنبياء التغيير ومنظومات الفكر البشري أنّ تكسره وتجتثه من قاموس الحياة الملطخ بالبشاعة والوحشية.أنا وصديقي وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث في منطقة يسكنها المترفون والارستقراطيون لفت انتباهي بناء قيد التشييد في قطعة من الأرض تكاد تكون فاخرة ومتميزة، فبادرته بالسؤال البريء لمن الأرض؟، فتبسم صديقي قائلاً: الأرض لله ولمن عمرها، قلت لعلّك تمزح فهذا كان في الماضي ودعنا من الماضي فلا أحبذ ترانيمه المزيفة والغوص بمأساته، فأطرق صديقي وأجابني بغصة تمهل فهذه الأرض هي للنائب(....)، قطعاً ذُهلت وصدمت ورحت أضرب أخماسا بأسداس، وآلمني كثيراً حينما أكد ليّ بأن ثمن شراء قطعة الأرض لوحدها هو (خمسمائة مليون دينار)!، الغريب أنّ هذا النائب (المهتلف) كان ينتمي لإحدى الكيانات التي أدعت ذات يوم بأنها (مقاولة)!؟ أأسف مقاومة، وحينما أفلس هذا الكيان المقاول رتب نائبنا (سيء الصيت) أوراقه فخرج بحجة تباين واختلاف وجهات النظر، وانتمى بأبجدية خطاب جديد إلى حزب القائد الضرورة ولم يحصد أيّ صوت فهو أن حضر لا يعد وان غاب لا يفتقد، يتخذ من الإسلام وطهره ذريعة للوصول إلى مآربه الدنيئة والخسيسة، لم يكمل الابتدائية، ولا يعرف أين يقع العراق، وما هو الشرق الأوسط، وماذا نعني بالإستراتيجية، فهو رقمٌ زائف فرضته طبيعة المعادلة والظروف السيئة ومنطق الإرهاب والقوة والهمجية وشريعة الغاب.لو أتيح لنا السؤال سنسأل سؤالاً (إفتراضياً) ونقول للنائب المُبجل من أين لك هذا؟، لا يحتاج الجواب إلى إنشاء خطاب ودلائل وشهود وإثباتات فمكرمات القائد الأوحد وعطاياه السجية وخيراته التي ورثها عن ضياع آبائه هي زاخرة ووافرة بالخير والعطاء، السؤال الملح والبريء والأساسي والمنطقي هل يستحق هذا اللص والسارق واقصد النائب هذه الأموال؟، الجواب كلا وألف كلا، فما تمتع به ودخل هو عائلته إلى منتجعات الانحطاط هي أموال من ينامون وأعينهم ترنو للنظر إلى غدٍ لا يعرفون كيف تزهق أرواحهم به وعلى يد من يُقتلون، هي ملكٌ لمن يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، هي ملكٌ لكل أمٍ قدمت أبنائها على مذبح العراق، هي ملكٌ لأطفاله الرضع وجياعه الذين ينتظرون مجيء أباذر حاملاً لهم كسرة خبز، هي ملكٌ لشبابه الذين لا يملكون ثمن أجرة النقل التي تقلهم إلى الجامعة، هي ملكٌ لأهواره المتخمة بالذل والجوع والبؤس والحرمان، هي ملكٌ لمن يبيتون في المزابل وفي بيوت (الجينكو)، هي ملكٌ لأبنائه (ولد الخايبة)، هي ملكٌ لضحايا الإرهاب ولمن فقد يديه ورجليه، هي ملكٌ لمن يخرجون ليلاً (للمسطر) ويبتهلون إلى الله علهم يرجعون لأطفالهم وزوجاتهم بقوت يومهم الذي يجنبهم ذل السؤال والعوز والشعور بالتقصير إزاء أطفالهم، هي ملكٌ لمن لا يملكون ثمن فاتورة الدواء، هي ملكٌ لعيال الله، وأين الله منكم ياشذاذ الآفاق ولصوص الأرض، وسارقي ضحكات الطفولة وقاتلي البراءة، أما شبعتم من السحت واللصوصية كفاكم فقد تقيأتم من أموال الفقراء والجياع، أما آن لكم أن تتوقفوا وتتيقظ ضمائركم الميتة ارحلوا واتركوا العراق فانتم أسوأ شيء في جبين الإنسانية.نقطة ضوء:عجبتُ لمن لايجد القوت في بيتهِ، كيف لايخرج على الناس شاهراً سيفه.تلميذ الإسلام أباذر الغفاري.
https://telegram.me/buratha