جواد أبو رغيف
جمعني لقاء مع احد العراقيين الذين هجروا العراق منذ إحداث عام 1963 إلى مدينة الضباب العاصمة البريطانية لندن. وعلى الرغم من عدد عقود سنين الغربة وضباب لندن غير أن الرجل لازالت وجنته السمراء ترتشف أشعة شمس العراق التي لم تأ فل بين حناياه، فكانت خيوطها تربطه دون أرادة بوطنه الأم وهو الهاجس الذي لم يفارقه حتى تغيير النظام الدكتاتوري عام (2003 ) ليتسنى له زيارة بلده العراق غير أن الرجل لم يشأ أن يأتي خال الوفاض في أول زيارة لوطنه بعد طول الغياب، ولكونه مهندس معماري استطاع أن يجلب معه مخطط لمستشفى خاص بأمراض سرطان الأطفال بسعة (75 ) سرير يتم بنائه على نفقة منظمات إنسانية دولية كان الرجل قد أحزنه النسبة المهولة لوفيات العراقيين بسبب مرض السرطان نتيجة تلوث الأجواء العراقية بالقنابل التي استخدمت بفعل حروب النظام ألصدامي الهوجاء سيما بين الأطفال وعدم وجود إستراتيجية حقيقية من قبل الدولة لمواجهة تلك الكارثة الإنسانية وانشغال السياسيين بصراعاتهم على الكراسي وترك الشعب العراقي يواجه مصيره لوحده ، تفاعلت مع الرجل وتطوعت لخدمة المشروع وطلب مني الرجل البحث عن قطعة ارض مناسبة لبناء المشروع ، فاخترت منطقة قريبة من الفقراء الذي هم حطب الصراعات السياسية وذهبت إلى دائرة بلدية (9 ) نيسان ولم أجد تفاعل من الدائرة المعنية برغم عظم المشروع الذي اعتقد بعظمته وكأن المهندسة المسوؤلة تعيش بواقع آخر لا يمت للعراق بصلة ولعلها لم تكتوي بمرض السرطان فمن يعيش بالعراق يدرك أن (180 ) ألف عراقي يعانون مرض السرطان تشكل النسبة الكبيرة منهم من الأطفال يموت منهم (8 ) الآف سنوياً !! عدت إلى صاحبي بخفي حنين وعاد هو مشروعه إلى حقيبته وقفل عائداً إلى غربته يحمل يأسه القديم يعلل به غربته الأبدية!!
https://telegram.me/buratha