المقالات

العقلية الدكتاتورية تخاف من ولادة دكتاتور في العراق؟؟؟

766 10:06:00 2012-05-01

خضير العواد

إن النظام الديمقراطي الجديد الذي أوسس في العراق يعتمد على النظام البرلماني من ناحية التشريع ، والبرلمان في تشريعاته يعتمد على الدستور والحكومة تعتبر الجهة المنفذة لكل التشريعات والقوانين التي يقرها البرلمان ، وتتوزع السلطات في العراق والقضاء فيه مستقل كل هذه المؤسسات تمنع بل تجعل ولادة دكتاتور جديد من المستحيلات ، أما مع أدارة الحقائب الأمنية الثلاث بالوكالة وترأسها من قبل رئيس الوزراء فهذا كله بسبب الظرف الذي خلقته الكتل المسؤولة عن هذه الوزارات ، فإذا كانت الكتل تحس وتشعر بمعانات الشعب العراقي والظرف الذي يمر به وغياب الأمن لدفعها أن تقدم الشخصية المرضية والتي تحافظ على الأمانة الملقاة عليها ، أما وضع شخصية غير أمينة في هذا المنصب الذي يمثل من أخطر المناصب الوزارية لما يمتلكه من قوة على الأرض قد يغير العملية السياسية ويعيدها الى الصفر بل يعيدها الى النظام الدكتاتوري الشمولي والتجارب العملية قد عاشها الشعب العراقي ، فهذه تجربة علاوي عندما كان رئيساً للوزراء وفي نفس الفترة كان رئيس الجمهورية الشيخ الياور ، فقد ذكر الشيخ الياور أن علاوي لم يستشيره ولو لمرة واحدة و لم يأخذ رأيه بأي قضية أو عندما كانت مشكلة النجف وكانت القوات العراقية تحاصر المدينة بعد أن دمرتها فتجمع المدافعون عن المدينة من التيار الصدري في الحرم العلوي الشريف ، فماذا كان رد فعل الحكومة ورئيس وزراءها وكذلك وزير الدفاع في ذلك الوقت حازم الشعلان ، كان رد وزير الدفاع أنا أدخل الحرم بهذه الجرأة يقولها وكيف يدخل الحرم أي بعد أن يدكه دكاً بالقذائف وأين ذهبت حرمة الأماكن المقدسة ألم تنتهك في زمن علاوي وأزلامه كالشعلان، أما من الناحية التنظيمية فجميع أفراد تنظيمه الوفاق أو كتلة العراقية أجمعوا على أن علاوي يتصرف لوحده ولم يأخذ مشورة أي عضو وعلى أثر هذا التصرف خرج من تنظيمه وكتلته شخصيات كثيرة كألشاهبندر والوائلي والحسني وصفية السهيل وغيرهم ، وهذا الهاشمي الذي يطارده القانون بتهمة الإرهاب والقتل والتدمير وهو الذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية ، فلهذا فمسألة إختيار الأفضل والأئمن في شغل هذه المناصب الوزارية من مهمة الجميع لأن الجميع مسؤولين عن أمن العراق وشعبه ، أما مسألة عدم التجديد للولاية الثلاثة لرئيس الوزراء فهذه مسألة محلولة وليس فيها أي تعقيد لأن الدستور قد ضمن حلها ، فإذا كانت الكتل لا تحبذ أو ترفض أن يتولى رئيس الوزراء أكثر من دورتين أنتخابيتين ، فيمكن لها أن تتجه الى البرلمان وتسن قانون في هذا المجال لأن النظام الذي يحكمنا مقيّد بتشريعات البرلمان ،وهذه هي أدوات ووسائل الحكم في الأنظمة الديمقراطية التي لم يتعود عليها رؤساء أغلب تنظيماتنا السياسية ، فهذا البرزاني يسيطر على الحزب الديمقراطي لعشرات السنين ولم نسمع في يوم ما هناك شخصية تنافسه أو توقع شخصية خارج عائلة البرزانيين تولي قيادة الحزب وكذلك الطلباني وعلاوي والنجيفي وغيرهم ، فألمشكلة الحقيقية أن القيادات تتكلم عن الديمقراطية وتبادل السلطة عبر صناديق الأنتخابات، ولكن النواة الحقيقية التي تغذي العملية السياسية في العراق وهي التنظيمات السياسية لاتعيش في حياتها الداخلية النظام الديمقراطي وهذا ما نحتاجه في هذه الفترة لكي نبني نظام ديمقراطي متين يبتدأ بالنواة التي يمثلها جميع التنظيمات إن كانت إسلامية أو علمانية ،لأن الله سبحانه وتعالى يقول (ولكم في رسول الله أسوةٌ حسنة) ...(1) وقد بدأ رسول الله (ص) بناء المجتمع الأسلامي من القاعدة عندما بدأ ببناء مجموعة خيرة من المؤمنين ومن ثم إنطلق الى أهل مكة ومن بعدها الى الجزيرة ومن ثم الى العالم ، وهذا يتم من خلال تغير أنفسنا وأفكارنا وتنظيماتنا حقيقةً نحو الديمقراطية وتطبيقاتها لكي يأخذ بيدنا الله سبحانه وتعالى إذ يقول الله سبحانه وتعالى (إن الله لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )...(2) ، أما إذا لم يكن هناك أي فرصة لأعادة تسلط الدكتاتور على الحكم في العراق بسبب أليات الحكم المنفصلة وتوزع السلطات تحت مظلة النظام الديمقراطي فلماذا تطرح بين فترة وأخرى من قبل بعض القيادات فكرة إعادة الدكتاتورية الى العراق ، تطرح هذه الفكرة دائماً عندما توجد مشكلة ما بين أي تكتل والحكومة في بغداد لكي يحصل على بعض أدوات الضغط من أجل الحصول على بعض المكاسب ، وعندما تنتهي المشكلة نلاحظ نفس الجهة تدافع وبقوة عن الحكومة وإلتزاماتها بالنظام الديمقراطي وتبادل السلطة عبر صناديق الإنتخابات ، كان أولّى لهذه القيادات إستعمال الأدوات التي يمتلكها أي نظام ديمقراطي في حل المشاكل وهي الدستور والبرلمان وإذا كان هناك مشاكل قانونية فالقضاء موجود وليس هناك أي مشكلة ، ولكن حتى الأفكار التي تطرح من قبل بعض القيادات لحل المشكلة تطرح بأسلوب دكتاتوري مثلاً تحديد مكان اللقاء إذا لم يكن في أربيل فأنا لا أحضر وإذا لم يتم الحل بهذه الطريقة فأنا لا أحضر وهكذا ، ولم يؤمنوا ولو للحظة بأن أدوات النظام الديمقراطي هي التي تقدم الحلول كألدستور والبرلمان والقضاء ، ولكن عقلية دكتاتورية بهذا المستوى يصعب التعامل معها وهي التي جعلت العراق والعراقيين يدفعون كل هذه الضرائب ، فإذا أريد للعراق أن يقف على رجليه بقوة وفق النظام الديمقراطي فيجب أن يسلك طرق هذا النظام ويواجه هذه العقول بها حتى يبني قواعد متينة للديمقراطية ، ويجعل هذه العقول الدكتاتورية لا تفكر ولو للحظة بطرح أفكار دكتاتورية تهدد بها النظام الديمقراطي في العراق .(1)سورة الأحزاب أية 21 (2) سورة الاعراف أية 94

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك