( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
لا ندري ان كانت خطة "فرض القانون" قد بدأت عملياً ام لا، لكن الذي نعلمه ان يوم الاول من أمس كان يوماً نازفاً قد يراد ايصاله بالذكرى الفاجعة التي حلت فيه عندما أفاق العراقيون قبل عام على هول كارثة لا تشابهها اخرى، او انه جاء رداً وقحاً على قرار استبدال الحكم الذي سيخرج الجزراوي من سرير نومه في معتقله ليدخله نفس المقصلة التي دخلها قبله صدام وبرزان والبندر.
في كل الاحوال وكما اشَّر ذلك السيد نائب رئيس الجمهورية العراقية الدكتور عادل عبد المهدي، فإن العنف القائم في العراق هو عنف ارهابي.. طائفي .. سياسي.. ذو ابعاد اقليمية ودولية وهو مفتوح على كل شيء في الهدف والخصم والوسيلة، ما يجعله استثنائياً وفريداً من نوعه تاريخياً وعالمياً.عنف يتحرك من الجهات الاربع ويضرب كل شيء وبأي شيء، لا توجد فيه جبهة قتال او جماعة واضحة المعالم يراد هزيمتها او طائفة او قومية محددة يراد اخضاعها.ما يجري في العراق حرب على الاهالي وليس حرباً اهلية، فالعنف يستهدف تعطيل حركة المجتمع ويوقع كثيراً من الضحايا والخسائر.
ما نواجهه شكلاً من العنف يفوق قدرات السيطرة عليه، لكننا لا نريد الهروب من الحقيقة فيما اذا قلنا انه عنف غير منفلت رغم قسوته وخطورته، بدليل ان الدولة عندما تعلن منعاً للتجوال في بغداد او في العراق كله فإن الجميع ينصاع لذلك، وعندما تريد الدولة ممثلة بقوتها وقواها ان تدخل منطقة فهي تستطيع ذلك، وهنا المفارقة الكبرى اذ كيف لنا ان نفهم قدرة الدولة في فرض قرارها على كل بغداد خلال دقائق، وفي الوقت ذاته تطيح مفخخة بقرار الدولة بأقل من تلك الدقائق.
هناك من يردد مقولة الحرب الاهلية.. فالذي يجري في العراق لا علاقة له على الاطلاق بحرب المذاهب او القوميات او المدن.. ففي الحرب الاهلية لا وجود للدولة ولا وجود لقرارها حتى وان كان حجمه او شكله يبقى في داخل دائرة حظر التجوال.
مهما كان قرار الدولة كبيراً ام صغيراً، فعندما يتقيد به الشارع فإن ذلك مؤشر على ان صنَّاع العنف هم قلة مقارنة بالشعب الذي لما يزل يعتبر الدولة مرجعيته الشرعية والتمثيلية.في ضوء ذلك من هي جهات العنف.. وما هي اتجاهات الدولة قد يكون ختام القصيدة بالمطلع- أي ما اشرنا اليه في اول الحديث- لكن الاعتقاد السائد ان كل الاطراف تسعى للابتعاد عن دائرة الخطر وحتى لهجات التصعيد، ونقصد بهذه الجهات العراقية وغير العراقية، وقد يكون هدفها عكس التصعيد وربما الحوار، لكن الحوار له حدود ايضاً ووقت ولغة، ويجب ان ينتهي الى نتيجة ، لان الوقت قد يزيد من عوامل عدم الثقة والاحباط وقد تتغير الموازين والمعادلات، وهذا ما سينعكس على العنف واهله والدولة واتجاهاتها، وليس مهماً ان نقول كيف وماذا؟.
https://telegram.me/buratha