العدالة العرجاء ومحنة الكورد الفيليين
الكاتب والإعلامي قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
يتفق ذوي الضمائر والمنصفين على أن الجرائم المرتكبة بحق أبناء وطننا من الكورد الفيليين، من نمط لم يكن مسبوقا في تاريخ البشرية، فلم يحصل أن عامل نظام حاكم مكون من مكونات شعبه بالكيفية البشعة التي عومل بها الكورد الفيليين، فقد تعرض الرجال منهم لحملة إبادة جماعية، ومن بقي من النساء والأطفال نقلتهم سيارات الأيفا العسكرية إلى الحدود، وسيقوا إلى الجانب الآخر منها عبر حقول الألغام ليتحول قسم كبير منهم إلى أشلاء ممزقة، وجرى اغتصاب جماعي من قبل ذئاب النظام للحرائر الكورديات الفيليات، وصودرت أملاكهم التي بنوها بعرق جباههم، وسلمت تلك الأملاك لأزلام النظام ورجال أمنه، وتكشف تلك الجرائم الخزي والعار والشنار الذي تلفع به النظام البعثي، ومن مفارقات التاريخ أن يمضي زمن ليس بالقليل على اقتلاع نظام البغي ألصدامي من دائرة التأثير في حياتنا، ولم يعد ولو جزء يسير من حقوق واستحقاقات الكورد الفيليين، وكأنما لم تقل العدالة كلمتها بعد، فما زالوا يطرقون أبواب المسؤولين لاستعادة جنسيتهم التي أسقطت عنهم ظلما، ومازالت ممتلكاتهم بأيدي الغاصبين يرتعون بها، وما تزل جراح الفيليين نازفة،ولم نسمع خبرا عن لكن مع ذلك كله وبلا حياء من التاريخ، وبلا خوف من سطوة سجله التي لا تثبت إلا الحقائق، تمتد أيادي رجال في الدولة العراقية الجديدة التي تقول أنها النقيض الطبيعي لنظام القهر الصدامي، وأنها وراثة آلام المقهورين، ليس لمصافحة الجلادين والصفح عنهم فحسب، بل للعمل سوية في مشروع غير واضح المعالم أطلقوا عليه زورا اسم المصالحة الوطنية..إن جراح المظلومين فاغرة فاها، ودعواتهم تشق عنان السماء تشكو إلى الله تعالى الحيف الذي لحق الإنسان من ظلم أخيه الإنسان.. لقد تحمل الأشقاء الكرد الفيلية عذاب السنين الغابرة من الهجرة القسرية والقتل والابادة الجماعية،و"جلّهم إنشغل في سنيـن النفي بلعق الجراح ومحاولة لملمة أو كسب قوت يومي يقيهم شرور الزمان" كما تقول الفيلية الصابرة زهراء محمد شقيقة الشهداء الفيليين الثلاثة الذين أقتلعوا من خارطة الوجود بليلة بعثية ظلماء، وآن الأوان أن تعمل العدالة بما يقتضي المنطق، بأن تنصف المظلوم قبل أي خطوة نحو الظالم، ولن يتم أنصاف الكورد الفيليين إلا باعتذار علني تقدمه الدولة العراقية بما هي دولة وليست نظام، فقد زال النظام السابق ولكن الدولة باقية وهي مسؤولة عن محو آثار كل ما خلفه، وبتعويض الفيليين التعويض المادي والأدبي العادل والسخي، وإعادة ممتلكاتهم والقصاص من جلاديهم وبخلافه تكون العدالة عرجاء...
كلام قبل السلام: لقد أحترفت معظم القوى السياسية تشخيص الداء، وكان تشخيصها دقيقا، لكنها عجزت تماما عن وصف الدواء لأن الأمر يقتضي أن تتناوله هي أولاً..! أعيدوا قراء هذا المقطع مرات لطفا...!
سلام...
17/5/425
https://telegram.me/buratha