حافظ آل بشارة
لم ينته شهر نيسان بعد ، لهذا الشهر قيمة رمزية ، ذكرى سقوط النظام السابق في ربيع عراقي خاص ، الربيع العراقي لايعني سقوط شخص او حزب ، انه سقوط مجموعة القيم الثقافية السيئة التي انبثق منها ذلك النظام ، الشعب قاتل تلك الافكار والممارسات وبذل الدماء لازالتها ، البديل الذي جاء لا يسمى بديلا الا اذا اثبت عمليا انه (نقيض) أخلاقي وسياسي وفكري واداري لمن سبقه ، وان لم يكن كذلك فهو (امتداد) لذلك النظام وليس نقيضا ، الفرق بين (النقيض) و(الامتداد) كبير جدا ، يستطيع كل مسؤول في الدولة الحالية ان يفحص نفسه ليعرف هل هو (نقيض) لنظام صدام ام (امتداد) له ؟ الفحص يتطلب عدة اختبارات صريحة وموجعة ويجب تحمل الالم قليلا ، اليكم بعضها : اذا كنت تفضل مصالحك الخاصة على مصالح البلد فانت (امتداد) ، اذا كانت مائدتك فيها عشرة اصناف من الطعام وفي التوقيت نفسه هناك مئات الأسر تبحث عن غذائها في القمامة وانت لا تحس بنبضة اشفاق وعينك لا تذرف دمعة فأنت (امتداد) ، واذا قيل لك ان قرعة توزيع الأراضي اسفرت عن قطعة ارض لك مساحتها 600 متر ركن على شاطئ دجلة ولديك من قبل بيت فاخر وشقة للترفيه على شاطئ آخر ، ففرحت ولم تتذكر بيوت الصفيح والاكواخ التي تطوق عاصمتك ويسكنها قوم اشرف منك ، فانت (امتداد) ، واذا لفحتك المكيفات في ظهيرة بغداد وشعبك المليوني الصابر يتلضى ويتقلب بين اطباقها فلم تتذكر ضحايا هذا الحريق المتواصل فأنت (امتداد) ، واذا رأيت فريق عملك وزملاءك في الوزارة يتقاسمون الرشوات والعمولات والمكافئات والايفادات وعوائد الصفقات الكبيرة وتسلمت حصتك راضيا ، ووجهك وضاح وثغرك باسم ، ولم تتذكر الحلال والحرام فاعلم انك (امتداد) ، واذا ذهبت في رحلة استجمام على حساب الحكومة الى احدى دول الترفيه الشهيرة وغمرتك اضواء الفنادق الفاخرة وشاهدت زوجتك واطفالك يطيرون فرحا في تلك الجنان ولم تتذكر اطفال التقاطعات بائعي الكلينكس والحلوى ولم تتذكر جموع الايتام والارامل الذين لم يعيشوا لحظة حياة بشرية ، فاعلم انك (امتداد) ، واذا شعرت لحظة وانت في مكتبك الرسمي انك تكره الشرفاء وتبغض الناصحين ، ثم تواجههم بالطرد والتهميش وتحيط نفسك بحشد من المتملقين الوصوليين والمداحين فاعلم بأنك (امتداد) ، واذا وجدت نفسك ذات يوم وقد تغيرت في ذهنك مفاهيم العفة والغيرة واخذت تستغل الموظفات ثيبات وابكارا وتستميلهن فتقرب المطيعات وتعاقب الرافضات ولم تتذكر ان لك عرضا تحب ان يصان فاعلم بانك (امتداد) ، هذه الاختبارات تشبه الاختبارات التي يجريها الاطباء لمعرفة امراض الجسد ، لكنك تجريها حاليا لمعرفة امراض الروح ، فان وجدت ان كلمة (امتداد) وردت لديك اكثر من كلمة (نقيض) في فقرات الاختبار فاعلم أن باطن الأرض خير لك من ظاهرها ، لانك مهما تمتعت فنهايتك هي نهاية (الامتداد) وليس نهاية (النقيض) والفرق كبير بين النهايتين .
https://telegram.me/buratha