( بقلم : طالب الوحيلي )
اشد ما يشغل بال المواطن العراقي اليوم هو التفكير بالخطة الأمنية الجديدة المزمع انطلاقها في غضون الايام القادمة ،كونه الأكثر تأثر بكل ما يجري من خلل في الوضع الأمني الذي يضغط بشدة على الحياة العامة بعد ان ضاقت مساحات الأمان بسبب استفحال زمر الإرهاب التي سعت منذ سقوط الطاغية الى محاولة افشال التجربة السياسية الجديدة التي جاءت مغايرة لواقع وتراث الحكم في العراق والمنطقة العربية برمتها ،لذا تفاقمت ألازمة الأمنية (بفضل) دول الجوار واستمطائها لبقايا النظام الشمولي الذي عاش منذ قيامه على الدم العراقي وعلى غصب ثروات الشعب وتحويلها الى خدمات ومنافع واستثمارات استفاد منها ألقاصي والداني وحرم منها ابن وادي الرافدين ليعيش على فتات خيرات البلاد وتحت سيف الاستبداد الذي لم يرحمه طيلة العقود الماضية ،وحتى بعد سقوط أسطورة الظلم الغاشمة ، حيث عبرت الجرائم الإرهابية عن الوجه القبيح الذي اخف به بقايا النظام وأيتامه ومنظومته العقائدية المبنية على أساس من التمييز العنصري والمذهبي ،وقد تبلور هذا الأمر كثيرا حين نزل القصاص العادل برمز ذلك الطغيان لينكشف النقاب عن تلك العقيدة التي ماانفك عبادها يسعون لعودتها مع ما تيسر لهم من دعم خارجي مادي كان او معنوي ،وتعدى ذلك الى مواقف رسمية لدول ينطبق على سياستها مفهوم قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم !!
فيما يعلن احد رؤسائهم من نفسه الفيصل في استقرار الوضع في العراق حيث اعتبر بشار الأسد بأنه اللاعب الأساسي في الجهود الدولية لإخماد العنف الطائفي في العراق ،وهذا ما يؤكد الشكوك والإشارات الكثيرة لتورط سوريا في المشكلة العراقية ودعم واحتضان زمر الإرهاب عدا ما يعرفه القاصي والداني عن احتواء هذا البلد لقواعد وانشطة القوى قيادات حزب البعث المنحل ،فحين يسعى بعض إعلاميو هذه الدولة الى تكذيب كل اتهام ضدهم اثر القاء القبض على اعداد من رعاياهم وهم متلبسون بجرائم في العراق ،ويطالبون بالدليل الذي قدم في مناسبات عديدة على شاشة العراقية وغيرها من الفضائيات المحايدة ،يطلع علينا سيادة الرئيس الاسد بخطاب تحي للولايات المتحدة عبر مزايدة رخيصة يذهب اثرها امن ومصير الآلاف من العراقيين الأبرياء ليقول حسب وكالة الصحافة الفرنسية (بعد نحو اربع سنوات من الاحتلال ،لم يستخلصوا العبر ،ولم يبدأوا الحوار ،نعتقد ان الوقت قد فات على قيامهم باي تحرك في هذا الاتجاه..).
مواقف عربية مماثلة تنطلق بين آونة وأخرى وهي لا تخرج عن معنى التحريض او غض الطرف او التصريح بتعقيد الوضع في العراق،لاسيما وانها تكيل بمكيالين فهي تستقبل المسؤولين الحكوميين وبعض الشخصيات المهمة فتعلن مواقفا ايجابية داعمة للعملية السياسية ،وتعلن استعدادها لتقديم كل ما امكنها من اجل استقرار العراق ،فيما تستقبل بالمقابل قيادات الارهاب ورموزه ،لتعلن فيما بعد بانها تقف على نفس المسافة بين هذا وذاك،وتلك مفارقة فجة تؤكدها المواقف المستفزة لمشاعر شعبنا في تأبين والرثاء لطاغية انزل به حكم الشعب ،بين إقامة صلاة الغائب او مجالس العزاء او الاستعداد لأربعينية ذلك المجرم الذي فاق هؤلاء الحكام طغيانا وتجبرا..
ولعل اللعبة الإعلامية التي تتبناها مؤسساتهم الخاصة او العامة هي اشد خطرا من فعل التفجير والتفخيخ لاتها تسعى لتفجير الفتن وتصعيد الخلافات الدامية بين الأوساط الاجتماعية في العراق ناهيك عن فتح ميادين للجدل العقيم بين بعض الأوساط السياسية ومن بينهم أعضاء في مجلس النواب الذين كان ينبغي عليهم عكس الروح الديمقراطية التي تسود العلاقات المتنامية بين أطراف العملية السياسية ،لا ان يقذفون هذا ويلعنون ذاك ويطلقون التهم الجزاف على القوى السياسية التي تحملت أعباء المسؤولية التي فوضهم بها اكثر من ثلثي الشعب العراقي ،وقد قلبت تلك الفضائيات حقائق الصراع الطائفي واغتصبت صور الضحايا الذين قتلوا بأيدي التكفيريين والصداميين ،لتضعها تحت عنوان آخر ،فيما يضطلع بعض من يحسبون على البرلمان العراقي بمواقف مخزية يحاولون بها الإساءة لتاريخ العراق ولقيم شعبه من ذلك ما عرضه برنامج الاتجاه الآخر في قناة (الجريرة) وهو بكل تأكيد يعلن عن مدى استخفاف هذا البرنامج وأقطابه برموزنا السياسية والدينية وقيمنا الإنسانية ،فيما تعنيه هذه القناة من أنها ترتكب جرائم دولية تقتضي حدوث نزاعات دولية بين العراق وبين الدولة الراعية لتلك القناة ،وقد سبق وان حدث مثل هذا النزاع اثر ورود ما اعتبرته تونس مشينا لها فدعت سفيرها في تلك الدولة ،ولنترك النزاعات الدولية وننظر الى قانوننا الوطني وخصوصا قانون مكافحة الإرهاب ،الا ينبغي ان يطبق على من يروجون ويحرضون على الحرب الأهلية وعلى الإرهاب؟!
ومادمنا بصدد البرنامج المذكور،فان التهم التي أطلقها النائب محمد الدايني ،تقتضي استقدامه قضائيا والتحقيق فيها ،حيث يعرف الجميع مثلا ان الروضة العسكرية المطهرة هي بعهدة ديوان الوقف السني والذي يفترض منه حراستها والعناية بها وتحت أقسى الظروف ،فتجد هذا الدعي يتهم أطرافا أخرى يستحيل ان ينصرف ذهن عاقل اليهم ،وليسأل عن ملابسات تلك الليلة المشؤومة وأين ذهب حراس الروضة الخمسين ليتركوا محلهم لخمسة افراد من عناصر حماية المنشآت !!!
في تأكيد لنائب محافظ ديالى إبراهيم حسن باجلان ان «عناصر تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة المتحالفة معه تستولي الآن على أقضية وبلدات بالكامل ولا وجود للدولة في بعقوبة أو المقدادية». وأشار الى ان «الوضع الأمني سيئ للغاية ونطالب الحكومة والقوات متعددة الجنسيات بالتدخل فوراً لإنقاذ الأهالي من عمليات الإعدام والإبادة الطائفية التي تنفذها تلك الجماعات وإلحاق ديالى بالخطة الأمنية، فالجماعات المسلحة انتقلت الى بعقوبة بعد حصولها على تفاصيل الخطة».فأين يضع محمد الدايني وكتلته نفسه من هذا الواقع الذي يدافع عنه ويجير جرائمه بعكس الحقيقة ،حيث عرض في ذات البرنامج صورا لضحايا قتلتهم الزمر التي يدافع عنها؟!!فهل نصدق يوما ان يجري التحقيق مع هذا ونظراءه أمثال النائب الذي في رقبته 150 ضحية وهو يحتمي تحت قبة البرلمان ،ويتخذ منه منبرا يعلن من خلاله بعدم ثقته برئيس الوزراء !!إنها أسئلة لا يجيب عليها سوى الادعاء العام ومجلس القضاء الأعلى حسب معلوماتي القانونية المتواضعة..
https://telegram.me/buratha